هدوء ما بعد العاصفة
بقلم / على الشرقاوى
كانت هناك غابة رتيبة ومملة، توحشت حيواناتها المتوحشة أكثر من المعتاد و إستكانت الضعيفة منها اكثر من مثيلاتها فى باقى الغابات المجاورة . مرت سنون عديدة ، وحدثت بعد عقود طويلة من الجمود جملة من الكوارث الطبيعية، ففى ربيعها البارد ثار البركان الراقد منذ سنين يدفعه غليان فى عروق السكان الصامتين ، وكان مصاحبا لهذا الزلزال دقات قلوب المساكين الذين تحملو الكثير، هزات البركان الثائر حطمت مقاييس ريختر ، وكما لو ان السكان قد بعثو من الموت و بدت مع انفاسهم المتصاعدة عاصفة تتجه نحو الغابة مسرعة، البعض ينتظر حدوث هذا الإعصار لإحداث أكبر قدر من التغير فى تلك الغابة الرتيبة المليئة بالأكواخ العتيقة المتهالكة ، ولكن بعد ان مر هذا الربيع الأنكد وبعد أن هدأت العاصفة وجدنا السكان إنقسمو الى أصناف شتى كما لو كانت تلبستهم ارواح بعض من حيوانات الغابة . فمنهم متلون كالحرباء ومنهم أرعن كالثور الهائج عند الأسبان منهم الماكر كالثعلب ، منهم القافز كالقرد بين الأشجار ، منهم آبله وغبى كالكسلان منهم متوحش ينتهز الفرصة كالضبع ، منهم الواضع رأسه خجلا فى الرمل . وبدء البعض منهم يحاول أن يعيد بناء نفس الأكواخ كما كانت وكما إعتادو خربة عشوائية بل ويعيد سكانها من الأوثان او ان يتقمص شخصياتهم ويقاوم كافة أشكال التغيير المأمول والبعض يحاول بحماس او رعونة هدم الغابة او إحراقها تماما والعودة للحظة اشبة ببداية الخليقة و من ثم إعادة مراحل التطور والأحداث التاريخية وعلى إستحياء قلة عاقلة تحاول محو آثار الإعصار و الأكواخ الأشبه بقبور منسية والأوثان .بتخطيط لبناء ما هو أعظم منها واكثر ثباتا وبقاء ونماء بل تحويل الغابة الى جنة تزهر فيها كل ثمار الحلم يتعايش بسلام فيها كل السكان والتوسع فى إنشاء جنات أخرى فى كل الإتجاهات