فى عامه الخامس والثمانين ( 1)
جابر سركيس عضو اتحاد كتاب مصر
فى عامه الخامس والثمانين.
كتب الاستاذ الدكتور عبد الحي عباس. نقيب أطباء سورية سابقا واحد المع إعلام جراحة الاذن والأنف والحنجرة في العالم…. خواطر تعبر رؤيته لحياته كإنسان ورؤيته لهذا الوجود، مقدما خلاصات تستحق إن نقراها وإن يفكر فيها كل إنسان كلما تقدم به العمر، يقول ا. د عبد الحى عباس
حين تبلغ الخامسة والثمانين، كما أنا اليوم، يصبح من الصعب أن تتجاهل قرب انتهاء رحلة حياتك، بحلها وترحالها، بسعادتها وشقائها. روايتك في آخر فصولها وقريبا تُسدل الستارة، تُفارق أهلك وأصحابك، شهاداتك التي حصلت عليها بتعبك وسهرك، حساباتك في البنوك، أوراق وصور ذكرياتك الغالية.
في الخامسة والثمانين تقيّم الأشياء والأحداث بشكل مختلف، ربما أقرب إلى قيمها الحقيقية في خاتمة المطاف. وتتساءل وتعجب كم كان تقييمك لكثير من الأمور في سابق أيامك خاطئا أو مبالغا فيه إيجابا أو سلبا، لم تدرك عندها أنها عما قريب ستصبح تاريخاً من الماضي ثم تذوب.
—- في الخامسة والثمانين، وفي ساعة تأمّل، تتساءل لم كنت تحمل كل هذه الأثقال التي ستتركها خلفك؟ وهل أمضيت عمرك فيما يستحق، وماذا ستحمل من حصاد حياتك في محفظة رحلتك الأخيرة؟
أنا آمنت علمياً بخالق لهذا الكون والإنسان، وبحياة آخره، وبحساب عادل…..
إليكم كيف:
—- درست الطب مهنة، عرفت بنية الإنسان من أعضاء وأجهزة، وكيف تقوم بعملها. ثم قرأت ما استطعت عن فيزياء الذرة والكوانتا، وعن بنية الكون ومسيرته وتوسعه منذ الانفجار الكبير ( Big Bang)، وما يحوي من نظام محكم مدهش.
كلاهما، الكون والإنسان، لا بد أنهما يتشكلان ويعملان حسب مخطط مسبق لأدق التفاصيل.
” سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق” فُصّلت ٥٣.
. هناك تخطيط يفقأ العين وليس له أن يُخطط ذاته. قال العالم الشهير ديكارت (Descartes) المعروف بذكائه (إن الرياضيات والفيزياء هي التي توصل لمعرفة الإله وليست علوم الدين)، وقال نيوتن (Newton) (حتى ولو أن الأرض والكواكب تدور في مداراتها بحسب قانون الجاذبية فإنه ليس من الممكن القول إنها وجدت مداراتها بذاتها، لا بد أنها بدأت بسلطةِ ورأيِ خالق ذكي قوي. المادة هي جسم عاطل لا يتحرك ويتطور إلا بتأثير قوة خارجة عنه)، وقال (إن العلم هو الطريق الوحيد لإدراك الإله) ويقول آينشتاين ( Einstein) (الإيمان هو أقوى نتائج البحوث العلمية وأنبلها). هؤلاء هم أذكى أذكياء العالم.
وأما عدم قدرتنا على إدراك الخالق والعالم الآخر، وهو ما يورده الملحدون حجة، فقد فنّدته المعلومات الحديثة أيضاً كما يلي:
يُجمع علماء الفيزياء، ويقول أستاذ علم الذكاء في جامعة كاليفورنيا (Donald Hoffman) في كتابه الحديث (The Case Against Reality) :
إننا نعيش في عالم افتراضي تصنعه حواسنا ودماغنا بعيدا عن الحقيقة. حواسنا، والتي تعمل في عالم الزمان والمكان والأبعاد الثلاثة، تُغذي دماغنا بمعلومات لا علاقة لها بالحقيقة….. معلومات هي من صنعها، تساعد في قدرتنا على البقاء (الداروينية). الألوان من صنع عيوننا وهي ليست إلا موجات مختلفة الطول ما بين الأحمر والبنفسجي، ومن يخلق بعمى ألوان ليس عنده أحمر ولا أخضر. والأصوات أمواج أطول من تلك تجعلها آذاننا أصواتا مختلفة النغمات، ومن خُلقوا بصمم خلقي لخلل في آذانهم (وهم كثيرون) ليس في عالمهم أصوات ولا موسيقى ولا غناء،
ومثال آخر عن ابتعاد المعلومات التي تعطيها حواسنا عن الحقيقة هو شعورنا بأن الأرض ثابته، بينما هي تدور وتدور، وأسرع حركاتها ٦٠٠ كم في الثانية! وحديثا اعتقد العلماء أن الزمان والمكان اللذان يرتبطان ببعضهما (آينشتاين) هما أيضا وهم من صنعنا؟!….
علومنا هي نتاج معلومات حواسنا وأدواتنا ودماغنا وهي لذلك محصورة في هذا العالم الوهمي المحدود وليس لها أن تخرج منه لأن أبجديتها منه.