أثارت أكشاك الفتوى بمترو الأنفاق حالة من الجدل الكبير
اهتمام غربى بـ”أكشاك الفتوى”.. صحف بريطانيا تتحدث عن الفكرة وتشير إلى إقبال واسع عليها.. “التايمز”: جزء من جهود مصر لمكافحة التطرف.. و”الجارديان”: تهدف لحماية المواطنين من نصائح تدفعهم إلى التطرف
حالة من الارتباك تسيطر على مجمع البحوث الإسلامية التابع لمشيخة الأزهر، وعدم الوقوف على قرار موحد حول أكشاك الفتوى، فبعد أن أعلن الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إزالة اللجان الفتوى من المترو بعد العيد، وتفاجئ الجميع بقرار جديد من الدكتور محى الدين عفيفى ، رئيس مجمع البحوث الإسلامية ، والذى جدد عمل لجان الفتوى، بمترو الإنفاق، وذلك من خلال توقيع بروتوكول جديد بين المجمع وهيئة المترو، الأمر الذى تحفظ عليه عدد من النواب، واصفين بقاء هذه الأكشاك أمر عبثى، وأعلن بعضهم مقاضاة المتسببين فى المحاكم.
اشتعلت الأزمة بين مجمع البحوث الإسلامية وبين أعضاء البرلمان، وذلك بعد إعلان النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، تقدمه بطلب إلى رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، لمطالبته بإزالة أكشاك الفتوى من مترو الاتفاق، والتى تم تدشينها خلال الأسابيع الماضية، واصفا أن وجودها “عبث”، الأمر الذى رفضه مشايخ الأزهر ومجمع البحوث، مؤكدين أن من حق النواب الاعتراض، ولكن عليهم أن يقدموا البديل لذلك.
وقال محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، إنه سيتقدم بطلب إحاطة إلى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، موجه إلى المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، حول أكشاك الفتوى الموجودة داخل مترو الأنفاق، موضحًا أن وجود هذه الأكشاك يعد عبثًا، وأنه لابد من إزالتها من مترو الأنفاق.
وأضاف وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، فى تصريح خاص لـ”اليوم السابع”، أن وجود هذه الأكشاك وتركها فى المترو يؤكد أن مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، ليس لديه خطة فى تجديد الخطاب الدينى، لافتا أن هذه الفكرة ليس لها أى علاقة بتجديد الخطاب، أو محاربة الأفكار التكفيرية، وهى مجرد أفكار تقليدية بدون وضع خطة حقيقية لمحاربة التطرف فى مصر، مشيرا إلى وجود هذه الأكشاك يؤكد أنه لا توجد رؤية فى المؤسسة لذلك، والعمل يتم بعشوائية.
وأكد أبو حامد أنه سيقاضى فى المحاكم صاحب هذه القرارات ببقاء أكشاك الفتوى فى المترو، بالإضافة إلى تقديم طلبات الإحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء حول وجودها واستمرارها فى مترو الانفاق دون أن أسانيد دستورية وقانونية.
ومن جانبها قالت الدكتورة اّمنة نصير، عضو مجلس النواب، وأستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن أكشاك المترو لن يكون لها جدوى من الأساس حتى يعلن مجمع البحوث تجديد العمل لها فى مترو الانفاق، فالتجديد لها لا يحقق الرسالة المطلوبة، ولم يحقق أيضا أى دور منذ إقامتها لأكثر من شهر.
وأكدت عضو مجلس النواب أن هناك نوافذ كثيرة للجان الفتوى، فإقامتها مرة أخرى بعد أن انتهت مدتها فى مترو الانفاق ليس ارتقاء بمفهوم الدين، والغريب أن مجمع البحوث لم يصدر تقريرا عن الإيجابيات أو سلبياتها حتى الاّن عن الفترة التى أقيمت بها الأكشاك داخل مترو الانفاق.
وتابعت الدكتور اّمنة نصير أن على مجمع البحوث الإسلامية أن يعلم أن مثل هذه الأمور لا تسير بالبركة، ولكن تحتاج إلى دراسة حقيقية لذلك ، ومعرفة سلبيات وإيجابيات العمل الذى يقيمه الأزهر الشريف.
فيما أكد عبد الكريم زكريا ، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن لجان الفتوى فى مترو الانفاق أدت دور مهم فى مواجهة الافكار المتطرفة ، وهو أمر يساعد مجموعة كبيرة من المواطنين ومساعدتهم فى الفتاوى التى يحتاجونها ، لافتا أن هذه خطوة وكان يجب أن تتوسع فى كل أماكن وتجمعات المواطنين ، بدلا من لجوء المواطنين إلى التيارات الإسلامية الأخرى وتلقى الفتاوى الشاذة منهم .
وأضاف فى أن اللجنة داعمة لأى خطوات فى تجديد الخطاب الدينى، وأنه لابد من مساعدة مؤسسة الأزهر فى ذلك فى خطواته لمواجهة الفكر المتطرف فى البلاد .
النائب محمد الكومى ، عضو لجنة حقوق الإنسان، قال إن فكرة عودة أكشاك الفتوى مرة أخرى، غير موفقة بالمرة، معتبرًا ان الفتوى لها أماكن معروفة ومسجلة ومعلنة، بدءًا من دور العبادة ، ودار الإفتاء.
وأضاف الكومى أن وجود أكشاك الفتوى فى محطات المترو سيكون له انعكاسات سلبية ، لافتا إلى أن هيئة مترو الأنفاق مكان خدمى لنقل الركاب، وفى حالة وجود هذه الاكشاك من الممكن أن تحدث تزاحم داخلها ، بسبب تزاحم المواطنين عليها.
وتابع الكومى: الرئيس السيسى دعا إلى تجديد الخطاب الدينى والاعتماد على الدين الوسطى والمعتدل، والحفاظ على دولة المواطنة ، وبالتالى فإن وجود اكشاك للفتوى يفتح الباب أيضا لتنفيذ تجربة مماثلة للمسيحيين ، حتى لا تمثل هذه الأكشاك نوع من التمييز بين المواطنين وأشار الكومى إلى أنه حتى أماكن الفتوى يجب أن تحتفظ بنوع من الخصوصية لمناقشتها ، ولا يجب أن تكون فى محطة نقل ركاب.
وأوضح الكومى أنه إذا أردنا تغيير الخطاب الدينى، ونشر الفكر الوسطى المعتدل بين المواطنين فيجب ان نهتم بتنقية الشيوخ المتواجدين داخل الزوايا والمساجد فى كل منطقة ليكونا تابعين للأزهر، حتى يكونوا الأقرب للتواصل مع المواطنين ، وليس من خلال محطات المترو.
من جانبه قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن أكشاك الفتاوى التى تشكل اعضاء مجمع البحوث الإسلامية، استطاعت تحقيق العديد من الأهداف، من بينها أنها تفاعلت مع الجماهير بشكل جيد، واستطاعت أن تخاطب عقولهم وأن تبين لهم الدين الصحيح، وأوقفت استغلال السلفيين للمواطنين ونشر الفتاوى الغريبة.
وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن أكشاك الفتاوى تعرفت على ماذا يهم الناس فى الوقت الحالى، واهتماماتهم، وبحث هذا الأمر خلال إعداد مشروع تجديد الخطاب الدينى فى الفترة المقبلة.
وحول مساعى بعض النواب للمطالبة لإلغاء الأكشاك تحت قبة البرلمان، قال عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه من حق أى شخص أن يعترض على وجود الأكشاك، ولكن عليه أن يقدموا لنا البديل ويعلن كيف يمكن أن نتواصل بشكل مباشر مع المواطنين لتصحيح مفاهيم الدين المغلوطة والرد على شبهات الفتاوى، ومنع سيطرة السلفيين على الشارع، موضحا أن الاكتفاء بالمطالبة بوقف الأكشاك، هو أمر يضر بمشروع تجديد الخطاب الدينى.
وفى السياق ذاته قال الدكتور محمد عبد العاطى، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقليوبية، أن من يدعون من داخل البرلمان لإلغاء أكشاك الفتاوى فى المترو هم يحاربون تجديد الفتاوى، ويريدون أن ينحصر الدعوة فى المسجد فقط، موضحا أن الأكشاك نقلت الدعوة بدلا من أن يذهب المواطن إلى الشيخ، أن يذهب الشيخ إلى المواطن ويعلمه الدين الإسلامى الصحيح.
وأضاف عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقليوبية، أن من يدعون لإلغاء أكشاك الفتاوى، لا يقدمون بديل، وفكرة الفتاوى كانت فكرة أزهرية ومحاولة لمنع نشر الدين المتطرف ولجوء المواطنين للمشايخ التى ليس لديها علم بالدين وتصدر فتاوى شاذة، وهو جزء من تجديد الخطاب الدينى.
وأوضح، أن الأكشاك حققت جزءا كبيرا من هدفها وهو نشر الدين الصحيح ومخاطبة عقول المواطنين بطريقة بسيطة، حيث وجدت إقبال كثيف عليها وبالتالى لا يوجد مبرر للهجوم عليها، أو المطالبة بإلغائها.
اهتمت الصحف البريطانية بفكرة إنشاء ما يطلق عليه ” أكشاك الفتوى “فى بعض محطات مترو الأنفاق، والتى تعتبرها الحكومة محاولة لمواجهة من يزرعون الفكر المتطرف فى عقول الشباب عبر العديد من الفتاوى والتفسيرات المتطرفة للنص القرآنى الكريم.
وتحدثت صحيفة “التايمز” عن الفكرة، حيث تم مؤخرا إنشاء أول كشك للفتوى فى محطة الشهداء، قائلة أن مصر تكافح التطرف عبر أكشاك النصح فى المترو حيث يمكن للناس أن يستقوا فتواهم.
وأضافت الصحيفة فى تقرير على موقعها الإلكترونى، اليوم الخميس، أن فريق من رجال الدين التابعين لمؤسسة الأزهر، يجلس داخل كشك فى محطة الشهداء للرد على كم واسع من الأسلئة الخاصة بتعاليم الدين الإسلامى، مشيرة إلى أن الجهود تأتى كجزء من إجراءات واسعة تتخذها الحكومة المصرية فى مواجهة التطرف.
وتحدث التقرير عن الهجمات الإرهابية التى استهدفت مصر خلال الأشهر الماضية، وعلى رأسها الاعتداءات التى ضد المسيحيين فى الكنائس، حيث قتل أكثر من 100 مواطن قبطى فى سلسلة من التفجيرات منذ ديسمبر 2016.
كما اهتمت صحيفة “الجارديان” البريطانية بتسليط الضوء على سعى الأزهر الشريف لمواجهة التشدد عن طريق وضع هذه الأكشاك فى محطات المترو للإجابة عن تساؤلات المصريين بشكل يجنبهم الاستماع إلى نصائح ربما تدفعهم إلى التطرف، وقالت إن هذه الفكرة ثبت أنها تلقى رواجًا شعبيًا بين الركاب الذين يستخدمون محطة “الشهداء” المزدحمة فى مواصلاتهم اليومية.
وأضافت الصحيفة، أن الركاب يصطفون أمام الكشك ذو اللون الأخضر، حتى يتحدثوا مع الشيوخ بشأن أمور حياتهم اليومية ورأى الدين بها، موضحة أن أغلب تلك المواضيع تتعلق بالزواج والطلاق والإرث، حسبما قال أحد الشيوخ التابعين للأزهر، لكنه فضل عدم ذكر اسمه.
ويهدف المشروع الذى وضعه الأزهر الشريف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ويأمل الأزهر، أن تساعد هذه الأكشاك على توجيه المصريين بعيدا عن الفكر المتطرف.
ونقلت الصحيفة عن الشيخ تامر مطر، منسق عام الفتوى الإلكترونية فى الأزهر، إن هدف الأكشاك هو توجيه المواطنين لطلب المشورة من الأزهر، بدلا من الجماعات المتطرفة.
وقال: “التجربة ناجحة حتى الآن ونأمل أن يتسع نطاقها، إذ تلقينا خلال ثمانية أيام هم عمر المبادرة، 1500 سؤال واستفسار، وفى أى لحظة يمكنك أن تجد عشرات من الناس فى انتظار طرح أسئلتهم”.
وتعمل هذه الأكشاك دورتى عمل فى اليوم، وترحب بالزائرين من الساعة من 9 صباحا حتى 8 مساء، بحسب الجارديان.
وأوضح الشيخ الذى فضل عدم ذكر اسمه ردًا على أن المشروع لن يجذب الأشخاص الذين لديهم ميل للتشدد لأنهم لن يأتوا لطلب النصح، أن المتشددين لن يأتوا لطلب المشورة، قائلًا “نحن نستهدف الناس فى الشارع الذين يجهلون المسائل الدينية – يأتون إلينا ونحاول وضعهم على الطريق الصحيح من الاعتدال”.
كان قد أعلن المهندس هشام عرفات وزير النقل والمواصلات، عن رفع أكشاك الفتوى من داخل مترو الأنفاق بعد موسم الحج، وفق ما أكده ، وأن هذه الأكشاك مؤقتة وغير دائمة .