مكانة الشهيد عند ربه

 

بقلم/ الشيخ بكر عبدالهادى صالح

وكيل وزارة الاوقاف بالغربية

وعضو رابطة العالمية  لخريجى الازهر الشريف

 

رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) الاحزاب

رجال باعوا أنفسهم وأموالهم لله فى مقابل الجنة التى اعدها لهم لأنهم الان أحياء بعد استشهادهم يرزقون فى الجنة عند ربهم  قالى تعالى )وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فقد ورد فى سبب نزول هذه الاية ما رواه الترمذى وابن ماجد الاعمران :169-117 والحاكم عن جابر ابن عبدالله رضى الله عنهما قال : لما قتل عبد الله بن عمر بن حرام يوم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا جابر ألا أخبرك ما قال عز وجل لأبيك؟” فقلت: بلى، فقال صلى الله عليه وسلم: “ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحاً،(اى مواجهة )  فقال: “يا عبدي تمنَّ عليَّّ أعطك”، قال: يا رب، تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الله عز وجل: “إنه سبق مني أنهم لا يرجعون”، قال: يا رب فأبلغ من ورائي، فأنزل هذه الاية .

– ولا بد وان نعلم جميعا ان الله عز وجل قد اختص الشهيد بخصال لم يعطيها لاحد غيره وذلك فضلا وتكرما عليه جزاء الشهادة فى سبيل الله .

– فقد روى الترمذى عن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ ، وَيُزَوَّجُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِنْ حُورِ الْعِينِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيُؤَمَّنُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيَضَعُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، الْيَاقُوتَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ” .حسن صحيح ورواه احمد بسند صحيح والطبرانى . وقد كرم الله الشهيد بكرامات ومميزات بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : أكرم الله الشهيد بخمس كرامات لم يكرم بها احد من الانبياء ولا أنا .

أن جميع الأنبياء قبض أرواحهم ملكُ الموت، وهو الذي سيقبض روحي، وأما الشهداء، فالله هو الذي يقبض أرواحهم بقدرته، كيف يشاء، ولا يُسلّط على أرواحهم ملك الموت.

أن جميع الأنبياء قد غُسّلوا بعد الموت، وأنا أغسّل بعد الموت، والشهداء لا يُغسّلون، ولا حاجة لهم إلى ماء الدنيا.
أن جميع الأنبياء قد كُفّنوا، وأنا أُكفّن، والشهداء لا يكفّنون، بل يُدفنون في ثيابهم.
أن الأنبياء لما ماتوا سُمّوا أمواتاً، وإذا متُّ يقال: قد مات، والشهداء لا يُسمّون موتى.
الأنبياء تعطى لهم الشفاعة يوم القيامة، وشفاعتي أيضاً يوم القيامة، وأما الشهداء، فإنهم يشفعون في كل يوم.

موتُ التقيِّ حياةٌ لا نفادَ لها …    قد ماتَ قومٌ وهمْ في الناسِ أحياءُ

بل انه بلغ من فضل الشهادة ان الشهيد يتمنى ان يرجع الى الدنيا ليقتل مرة ثانية.

عن انس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا ، وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى ” (رواه الخمسة)

والشهيد ينعى له عمله يوم القيامة-  فعن فَضَالَةَ بْنُ عُبَيْدٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ ، إِلاَّ الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ ) والشهيد لا تمس عينه النار … فعن ابن عباس رضى الله  عنه من النبى صلى الله عليه وسلم قال : (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله)

فهنيئا للشهداء ، وبعد وهلاكا لمن يبيحون لانفسهم قتل الابرياء واجب ان اقول لهؤلاء القتلة المجرمين بان الاسلام هو دين المحافظة على الحياة يا من تدعون الاسلام والاسلام برئ  منكم ومن افعالكم هذه .