تعرف على” صندوق مصر السيادي المثير ” الذى وافق عليه مجلس النواب

تعرف على” صندوق مصر السيادي المثير ” الذى وافق عليه مجلس النواب

 

 

كتب / محمد عبدالوهاب

 

وافق مجلس النواب   نهائيًا يوم الإثنين قبل الماضي على قانون إنشاء صندوق سيادي لمصر، لإدارة أصول وأملاك الدولة، وسط جدل بشأن أهمية وأهداف هذا الصندوق.

وتجيب “أنباْ الدلتا “، على مجموعة من التساؤلات التي أثارها الصندوق، خلال الأيام الماضية، وفقا لما ورد بالقانون، وما قاله خبراء اقتصاد، في السطور التالية.

1- ما هو صندوق مصر السيادى  الذي وافق البرلمان على قانون إنشائه؟

هو صندوق سيادي يحمل اسم “صندوق مصر” وله شخصية اعتبارية مستقلة، لإدارة الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة التي سيتم نقل تبعيتها إليه، ويبلغ رأسماله المرخص به 200 مليار جنيه، والمصدر 5 مليارات جنيه، يسدد منه مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس.

وسيسدد الباقي من رأس المال المصدر وفقا لخطط فرص الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال 3 سنوات من تاريخ التأسيس، بحسب قانون الصندوق الذي وافق عليه البرلمان بشكل نهائي الإثنين قبل الماضي.

وتتكون موارد الصندوق من رأسماله، والأصول التي تنتقل ملكيتها إليه، والعائد من استثمار أمواله واستغلال أصوله، والقروض والتسهيلات التي يحصل عليها، وحصيلة إصدارات السندات والأدوات المالية الأخرى، والموارد الأخرى التي يقرها مجلس الإدارة، ويصدر بقبولها قرار من رئيس مجلس الوزراء، وفقا للقانون.

2- ما هو هدف إنشاء صندوق مصر السيادي؟

بحسب القانون، يهدف الصندوق إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله وتحقيق الاستغلال الأمثل لها وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادمة.

ويرى الباحث الاقتصادي وائل جمال، بحسب لقاء، أجراه مع قناة الحرة الإخبارية الفضائية، يوم الجمعة الماضي، أن تمثل الهدف من تأسيس الصندوق الوارد في القانون، الذي يتمثل في تعظيم الأصول العامة وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة، “هو هدف شديد العمومية ولا يتفق عادة مع الأهداف المحددة للصناديق السيادية”.

وقال جمال إن “القانون لم يضع أهدافًا محددة للصندوق وما هي نقطة التوازن بين تحقيق الأرباح وخدمة التنمية؟، حيث أن أغلب الصناديق تنزع إلى الاستثمار في أصول مالية خارج الحدود وبالتالي آثارها على التنمية محدود وغير مباشر إن كانت موجودة”.

وبحسب مقال نشره على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يرى الخبير الاقتصادي أحمد النجار، أن الرأسمال المصدر (5 مليارات جنيه) وطريقة سداده تعني “أن هذا الصندوق لا يمكن أن يحقق الهدف المعلن من تأسيسه وهو المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله لأنها ببساطة قزمية ولا تساوي شيئا”.

وقال إن “هذه الأموال لا تقارن حتى بالاستثمارات الحكومية السنوية التي تبلغ في الموازنة الأخيرة رغم محدوديتها الشديدة نحو 148 مليار جنيه”.

3- ما هي آليات عمل الصندوق؟

ينص القانون على أن يحق للصندوق تأسيس شركات وصناديق تابعة أو زيادة رؤوس أموالها سواء بمفرده أو مع الغير، والدخول في شراكات مع الصناديق العربية والأجنبية المماثلة، والمؤسسات المالية المختلفة، والاستثمار في الأوراق المالية وأدوات الدين، والاقتراض والحصول على تسهيلات ائتمانية وإصدار سندات وصكوك وغيرها من أدوات الدين.

كما يتيح القانون للصندوق شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وإقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة، وله التصرف في الأصول المملوكة له أو الصناديق المملوكة له بالكامل بإحدى صور البيع أو التأجير المنتهي بالتملك، أو الترخيص بالانتفاع، أو المشاركة كحصة عينية وفقا للقيمة السوقية لهذه الأصول.

وينص القانون على أن نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة إلى الصندوق أو أى من الصناديق التي يؤسسها والمملوكة له بالكامل، يكون بقرار من رئيس الجمهورية، بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط.

وبالنسبة للأصول المستغلة يكون نقلها للصندوق بقرار من رئيس الجمهورية بعرض من رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط بالاتفاق مع وزير المالية وبالتنسيق مع الوزير المعني بهذه الأصول.

4- ما أهمية إنشاء صندوق سيادي لإدارة أصول الدولة في مصر؟

قال أسامة مراد خبير الاستثمار، إن فكرة إنشاء صندوق سيادي “تعتبر الحل الأمثل في الوقت الحالي لإدارة أصول الدولة”.

وأضاف أن إنشاء الصندوق يزيل من على عاتق الدولة جزءا من الأعباء الإدارية ويمكن من خلاله الاستعانة بإدارات مختلفة لهذه الأصول، والدخول في شراكات متنوعة سواء كانت محلية أو خارجية.

وبحسب مراد، يتيح إنشاء الصندوق الصيغ والأدوات المختلفة لإدارة أصول الدولة، والتي تعتبر غير متاحة في ظل الوضع الحالي، كما يتيح الصندوق للدولة الدخول في شراكات أكبر مع القطاع الخاص بدلًا من إنغلاقها على نفسها.

وذكر مراد أن إنشاء الصندوق شركات وصناديق فرعية يساعد الدولة على ضم كل الأصول المتعلقة بقطاع واحد تحت إدارة صندوق واحد، والحفاظ على حصص الأغلبية في هذا الصندوق عند الدخول في شراكة مع مستثمرين من القطاع الخاص، مع حدوث التطوير المطلوب على مستوى القطاع بالكامل والمستهدف من هذه الشراكة.

كما يتيح خضوع كل الأصول المتعلقة بقطاع واحد تحت صندوق واحد إمكانية دمج شركات ناجحة مع أخرى أقل نجاحًا مع إدارة هذه الأصول كمحفظة واحدة.

5- هل كان ضروريًا إنشاء هذا الصندوق لإدارة أصول الدولة؟

الهروب من بيروقراطية القطاع الحكومي والعام أحد أهداف إنشاء صندوق لإدارة أصول الدولة، ونص القانون على أن هذا الصندوق والصناديق التي يؤسسها أو يشارك في تأسيسها هي من أشخاص القانون الخاص، وباتالي لا يتقيد أي منها بالقواعد والنظم الحكومية.

ولكن عالية المهدي الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قالت لمصراوي، إنه كان من الأولى تغيير القوانين الحكومية التي تعوق مرونة وسرعة استغلال وإدارة أصول الدولة بدلًا من إنشاء صندوق لإدارتها وإصدار قانون جديد له ينضم للقوانين المتعددة الموجودة لإدارة هذه الأملاك.

وأضافت أن “القطاع العام يدار بأسلوب.. والصندوق يدار بأسلوب ثانٍ.. ومشروعات الجيش تدار بأسلوب آخر، وهو أمر خاطئ اقتصاديًا، ويجب معه توحيد قواعد إدارة الملكية العامة”.

وذكرت أنه يمكن مع تغيير القوانين القضاء على البيروقراطية الموجودة، وتوفير إدارة محترفة لأصول الدولة، والدخول في شراكات مع القطاع الخاص بشكل مباشر عبر شركات قطاع الأعمال العام، وهي من ضمن أهم الأهداف التي يتم من أجلها إنشاء الصندوق.

وانتقد أحمد النجار، إنشاء  الحكومة هذا الصندوق، مشيرًا إلى أن الصناديق السيادية تؤسس من قبل الدول ذات الفوائض المالية، الريعية، لإدارة تلك الفوائض وتنميتها لصالح الأجيال القادمة، أو كاحتياطي استراتيجي يمكن اللجوء إليه في أوقات الأزمات الكبرى.

وقال النجار إن مصر في المقابل دولة تعاني من عجز مالي سواء عجز الحساب الجاري، أو عجز الميزان التجاري، وارتفاع الدين العام، وبالتالي “فإن الظروف المالية لإنشاء أي صندوق سيادي لإدارة الفوائض غير موجودة من الأساس في مصر”.

وبحسب لقاءه مع قناة الحرة، قال وائل جمال، إن الصندوق لو كان تم إنشاؤه من أجل الوفورات المتوقعة من الغاز فهو أمر جيد ومطلوب، ولكن من المهم وضوح الرؤية طويلة الأجل في هذا الإطار وكيفية التعامل مع حقوق الأجيال القادمة والاستفادة من التجربة “السيئة” في إدارة والتصرف في كميات البترول والغاز التي كانت تمتلكها مصر في العقد الماضي.

وأشار جمال إلى من 53 صندوقًا من 80 صندوقًا سياديا موجودة حول العالم، بحسب بيانات معهد صندوق الثروة السيادي، تعتمد على إدارة وفورات من الثروات الطبيعية مثل البترول والغاز والفوسفات وغيرها.

6- كيف سيتم تشكيل مجلس إدارة والجمعية العمومية للصندوق؟

نص القانون على طريقة تشكيل مجلس إدارة الصندوق، حيث يكون بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض رئيس مجلس الوزراء، على أن يرأسه وزير التخطيط، ويتكون من 5 أعضاء مستقلين من ذوي الخبرة، وممثل عن كل من وزارات التخطيط والمالية والاستثمار، ويكون للصندوق مدير تنفيذي متفرع لإدارته ويمثله أمام الغير، والقضاء.

كما تضمن القانون كيفية تشكيل الجمعية العمومية للصندوق، حيث تشكل بموجب قرار من رئيس الجمهورية، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزراء التخطيط والمالية والاستثمار، وأحد نائبي محافظ البنك المركزي، و7 أعضاء من ذوي الخبرة في المجالات المالية والاقتصادية والقانونية وفي إدارة الصناديق النظيرة والشركات الاستثمارية العالمية يرشحهم رئيس الوزراء.

7- هل يخضع الصندوق لرقابة البرلمان أو الجهاز المركزي للمحاسبات؟

لم ينص القانون على رقابة برلمانية على عمل الصندوق، ولكنه نص على تولي اثنين من مراقبي الحسابات مراجعة حساباته، على أن يكون أحدهما من الجهاز المركزي للمحاسبات، والآخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزي أو هيئة الرقابة المالية.

وسيقوم المراقبان بمراجعة القوائم المالية السنوية وربع السنوية للصندوق، وسيتم عرض القوائم المالية السنوية وتقرير مراقب الحسابات وتقرير سنوي تفصيلي عن نشاط الصندوق وخطته للعام التالي على الجمعية العمومية للصندوق، تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية خلال 3 أشهر من انتهاء السنة المالية.

8- هل هناك آليات رقابة أخرى أو معايير للشفافية أو الإفصاح؟

قال وائل جمال، إن وزيرة التخطيط أعلنت أن الصندوق سيخضع لأحد التصنيفات الدولية للإفصاح والشفافية في هذا المجال، وهو معايير معهد صندوق الثروة السيادي، ولكن لا يوجد في القانون أي إلزام فيما يتعلق بالشفافية.

وأضاف أن آليات المراقبة على الصندوق تتمثل في إشراف رئيس الجمهورية، إلى جانب المراقبين الماليين اللذين نص عليهما القانون، “ولكن القانون لم ينص على أن يكون المراقبين مستقلين، أو على تقديم التقارير المالية التي ستصدر عن الصندوق إلا لرئيس الجمهورية وهو ما يعد مخالفة لشروط الشفافية في التصنيفات العالمية المتعلقة بالصناديق السيادية”.

وذكر جمال أن عمل الصندوق يفتقد أيضًا الرقابة من البرلمان، كما أن المادتين 13 و14 من القانون تعفيان خضوع الصناديق التابعة للقانون لأي تشريع آخر وهو ما يعني أن ما يخص المال العام في التشريعات القانونية والرقابة عليه وحوكمة التصرف فيه لن ينطبق على الصندوق.

ويرى أحمد النجار أن المادة 14 من القانون تستحق المراجعة، “فالمشكلة ليست في القواعد والنظم الحكومية التي تشكل ضمانة للنزاهة والشفافية، ولكن في انتشار الفساد لدى البيروقراطية المسؤولة عن تطبيق تلك النظم والقواعد”.

وتنص المادة 14 على أنه “يعد الصندوق والصناديق الفرعية والشركات التي يؤسسها الصندوق أو يشارك في تأسيسها من أشخاص القانون الخاص أيًا كانت نسبة مساهمة الدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فيها، ولا يتقيد أي منها بالقواعد والنظم الحكومية”.

لكن أسامة مراد يرى أن القانون يحتوي على آليات كافية من المراقبة، “فهناك مراجعان ماليان أحدهما من الجهاز المركزي للمحاسبات، كما يقدم الجهاز ميزانيات سنوية تتم مراجعتها”، مشيرا إلى أن السماح بدخول مصر إلى المنتدى العالمي للصناديق السيادية كمراقب سيؤدي إلى تطبيق قواعد الحوكمة الدولية والشفافية والنزاهة، والإعلان عن ميزانيات الصندوق.

وكانت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، قالت في تصريحات صحفية، في أبريل الماضي، إن المنتدى العالمي للصناديق السيادية، وافق على تواجد مصر بالمنتدى، كمراقب، خلال عملية تأسيس الصندوق السيادى المصري “صندوق مصر”.

وقال مراد إن “الحكومة لم ترفع يدها عن رقابة الصندوق، بل إن بعض أصحاب فكر الاقتصاد المنفتح كانوا يودون أن تتخلى الحكومة عن ما اعتبروه رقابة زائدة وألا يكون هناك دور للجهاز المركزي للمحاسبات في الرقابة عليه لأن نفس العقلية الرقابية ستظل موجودة”.

وينتظر وائل جمال صدور النظام الأساسي للصندوق معبرا عن تمنيه بأن ينص على “أن من حق الجمهور العام معرفة تفاصيل الميزانية وحجم المحفظة وتوجهات الاستثمار وغيرها كجزء أساسي لحوكمة التصرف في أصول بهذا الحجم”.

9- هل هناك مخاوف من أن يصبح الصندوق بابًا خلفيا للخصخصة؟

يرى أسامة مراد أنه “ليس لديه مخاوف من الخصخصة بل أنها قد تحقق الاستفادة بشكل أفضل للدولة لاستغلال بعض الأصول، وأنها تهدف لفصل الملكية عن الإدارة”، ولكنه طالب الحكومة بإعلان أن الصندوق ليس بابًا خلفيًا للخصخصة بل هو أحد بدائلها المتاحة، وأن كل الدول الأفضل اقتصاديًا من مصر لم تتقدم إلا مع زيادة نسبة القطاع الخاص في العملية الاقتصادية.

ولكن وائل جمال قال إن لديه محاذير بشأن الخصخصة تتعلق بفكرة إنشاء الصندوق خاصة أنها تعتبر واحدة من مصادر دخل الصناديق السيادية حول العالم، وأن القانون يفتح الباب تمامًا في هذا المجال إن أراد القائمون على الصندوق البيع، خاصة مع وضع هذه المخاوف في سياق التوجه العام للحكومة الذي يميل إلى الإدارة بمنطق الخاص.

ويتفق أحمد النجار مع جمال، حيث قال إن الصندوق لديه الحق في خصخصة الأصول العامة التي ستؤول له “وهو ما يفتح الباب لأوسع برنامج للخصخصة ولبيع الأراضي والموارد الطبيعية العامة بدلًا من إصلاح وتحديث القطاع العام وفتح الباب للاستثمارات الخاصة المصرية والأجنبية لبناء مشروعات جديدة بدلًا من تداول مشروعات قائمة فعليًا حتى ولو كانت متعثرة”.

10- هل يمكن بيع مباني الوزارات والهيئات الحكومية في القاهرة عبر الصندوق بعد نقلها للعاصمة الإدارية؟

قال أسامة مراد لمصراوي، إن مباني الوزارات الحكومية الحالية غير مؤهلة للبيع في وضعها الحالي، وإذا كان البيع أحد الحلول المطروحة، فإنه يممكن أيضَا أن يقوم الصندوق بتطويرها وتجديدها وتغيير غرضها أو تأجيرها، حيث سيكون هناك بدائل متعددة مطروحة لاستغلالها والحصول على عائد منها.

 

شاهد أيضاً

انطلاق مؤتمر هندسة القوى الميكانيكية الدولي الأول تحت عنوان “استدامة وترشيد الطاقة” بمدينة الإسماعيلية

بحضور القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا ولفيف من القيادات الجامعية وممثلي القطاع الصناعي: انطلاق مؤتمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *