الواقع المؤلم
بقلم / اشرف عبوده
قبل أن أبدأ في كتابة مقالي فى هذا العدد بدأت اسأل نفسى ماذا تريد أن تقول، وما هو الجديد في ما تريد أن تقوله؟ أو بتعبير آخر: ما هي رسالتك التي تحاول إيصالها للقارئ ولم يتطرق أحد إليها قبلك. فإذا لم تسأل نفسك هذا السؤال، وتجيب عليه بأقل عدد من الكلمات، فإن السؤال ذاته سوف يطرحه عليك القارئ بعد إكمال قراءة مقالى . يا ترى ماذا يريد هذا الكاتب أن يقول؟!
واليوم سأكتب فى قضية ليست جديدة بالمرة فهي تحدث كل يوم وفى كل أسرة مصرية ويعانى مها المجتمع بشكل فظيع يهدد الأسر المصرية .. أرقام مفزعة كشفت عنها تقرير مركز معلومات رئاسة الوزراء، خلال عام 2018، حيث وصلت حالات الطلاق إلى مليون حالة بواقع حالة واحدة كل دقيقتَين ونصف، وقد وصلت نسبة العنوسة بين الشباب والفتيات إلى 15 مليون حالة، وهذا يعنى أن حالات الطلاق، تتعدى في اليوم الواحد 2500 حالة، فيما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون على يد مأذون، ونتج عن ذلك تشريد ما يقرب من 7 ملايين طفل.
تفشي ظاهرة الخلافات بين الزوجين، خاصة في أعمار الشباب والتي تصل إلى 80% من قضايا الطلاق المطروحة بالمحاكم تكون بين الأزواج الشباب ، تكثر الدعاوى بين طلاق وخلع ونفقة، وغيرها من المطالبات المختلفة، والتى تختلف أسبابها فى كل قضية، وتختلف نتائجها فى النهاية
تعد أول سنة للزواج بمثابة اكتشاف لحياة تشغل بال الطرفين فيفكران بها كثيرا ويحاولان رسم خطة محكمة لكي تمر السنة علي خير فإذا اجتاز الطرفان هذه المرحلة بهدوء وبدون مشكلات سوف يعيشان حياة هانئة سعيدة. لكن في الأيام الأخيرة لاحظنا أن حالات الطلاق في السنة الأولي بل فى الشهور الاولى من الزواج أصبحت بأعداد هائلة لأسباب لا يمكن تجاهلها.
ففى الحقيقة أن السنة الأولى هى من أهم وأصعب سنوات الزواج التى تمر على الزوجين لأنه قد يختلف الطرفان فى العادات والتقاليد وأسلوب التفكير والتنشئة الاجتماعية وأسلوب معيشتهما قبل الزواج وعدم تقارب الطباع لبعضهما فكل منهما يتمسك بقيمه الخاصة وتنشئته فتتصادم الطباع بين الزوجين فكل هذا يؤدى بالتأكيد لظهور العديد من الخلافات بينهما ومن أهم العوامل الموجودة في مجتمعنا حاليا والتى تؤدى للطلاق فى العام الأول من الزواج هى أن الأجيال الحالية لا تقدر قيمة الأسرة ولا أحد من الزوجين عنده النية لتقديم تنازلات لتستمر الأسرة ولا يحدث الطلاق أن من ابرز وأهم مشكلات التى تنشأ بين الزوجين فى السنة الأولى هى فقدان المرأة الشعور بالأمان والحنان مع زوجها أولتعرض الزوجات لبعض الطرق التى تؤدى إلى الإيذاء النفسى أو العنف البدنى من أزواجهن أو تدخل الحموات فى الحياة الزوجية أو تجاهل بعض الأزواج لآراء زوجاتهم فكل هذه المشكلات قد تجعل النساء حريصات على الابتعاد عن هذه الإيذاءات فيطلبن الطلاق أو يجد الرجل الإهمال فى بيته وفيه هو شخصيا أو الاستهتار بكرامته و رأيه فيطلق هو الزوجة على الفور حفاظا على كرامته فلم تكن أسباب الطلاق بالسنة الأولى أسباباً تافهة كما يعتقد البعض بل بالعكس تكون أسبابا قوية وفى بعض الأحيان لم يكن لها حل.
أسباب الرجل في تطليق زوجته عديدة، منها ما يكون هو سببه؛ ومنها ما تكون الزوجة السبب الأساسي في إنهاء هذه العلاقة، ولكن في كل الأحوال؛ يجب على الطرفين أن يتفهَّما بعضهما، أن يُكمِلا حياتهما كما بدآها أول مرة بالقناعة ومحاولة إنجاح العلاقة، أما التعنُّت والتشدد فلا يؤدي إلا إلى الخراب؛ وإنهاء علاقة كانت جميلة حوَّلها التعنُّت إلى جحيم يجب الخروج منه.
الأصل أن الزوجة تسعى للاستقرار والسكينة في بيت الزوجية؛ فهي تتزوج لتعيش في أسرة سعيدة يكتنف أفرادها الحب والمودة والرحمة والتعاون، ولكن هناك من يحدث منها عكس هذا؛ فهي لا تقبل لحماتها كلمة، وتعاملها معاملة فيها من الشدة والندية ما يحول الحياة بينهما لجحيم لا يطاق. أن تكون هذه الزوجة صاحبة شخصية متسلطة وغير سوية، ولا تقبل التدخل في حياتها ولو تدخلاً طبيعياً. أن يعاملها أهل الزوج معاملة قاسية؛ فتنقلب عليهم وتقابل المعاملة بالمثل. أن يكون الزوج كثير الحديث عن أهله ولا يعجبه شيء مما تفعله له زوجته؛ لأنه لا يرقى لما كانت تفعله له أمه؛ فتدب الغيرة من أمه في نفسها؛ وهو ما ينعكس على معاملتها لها. معاملة الزوج لزوجته معاملة سيئة؛ فهي لا تشعر بالأمان والاطمئنان معه؛ وهو ما يؤثر على علاقتها بأهله؛ ففاقد الشيء لا يعطيه. عدم التكافؤ في الحياة الاجتماعية؛ فتكون الزوجة مثلاً أغنى من أهل زوجها أو ذات تعليم أعلى منهم. اختلاف البيئات والثقافات؛ فلكل بيئة أعرافها وتقاليدها التي تختلف عن البيئة الأخرى، وإذا لم يكن كل طرف يدرك ذلك جيداً فإنه سيحدث صدام لا محالة.
أن تكون هذه الحماة عندها حب التملك الزائد حتى لأبنائها؛ فلا تريد أن يشاركها أحد في أبنائها (وهذا الأمر فطري في كل الحموات، لكن نسبته تختلف حسب شخصية كل حماة، وطريقة تعبيرها عنه). أن تكون هذه الحماة قد عوملت معاملة قاسية من حماتها في الماضي (كزوجة)؛ فيكون انطباعها عن العلاقة بين الزوجة والحماة هي هذه المعاملة التي لاقتها هي. أن تكون الحماة غير راضية عن هذه الزوجة من البداية، وأن ابنها هو الذي أصر على موقفه؛ فتعاملها الحماة على أنها شخص غير مرغوب فيه في البيت. أن يُشعر الزوج أهله بأنه يحب زوجته أكثر منهم ويقدمها عليهم. أن يكون هذا الزوج هو الوحيد لأمه؛ فتشعر الأم أن هذه الزوجة ستأخذ منها فلذة كبدها.
من الأسباب التي قد تدعو الرجل إلى تطليق زوجته، كثرة تدخُّل أهلها في حياته، فهو قد أصبح مستقِلاً بذاته عن جميع العالم، واتخذ من هذه الفتاة زوجةً له ليعيشا في عالمٍ خاصٍ بهما، ولكنه يُفاجأ بتدخل أهلها في كل أمور حياته اليومية، وخصوصاً تدخُّل أمها في شؤون عائلته، وخصوصاً أم الزوجة، فهي تُعطي ابنتها من النصائح التي قد تخرب حياتها مع زوجتها، وتكون المصيبة الأعظم أن الزوجة تستمع لكلام أمها وتنفَّذه بحذافيره،وتحكى كل ما يحدث فى منزل زوجها او منزل اهل زوجها ، و تخرج من البيت مع والدتها دون أخذ موافقة زوجها، هذا يمكن أن يدفع الزوج إلى الغضب منها ومن تصرفها، حيث يجب عليها أن تأخذ موافقة زوجها قبل الخروج، ولكن أمها تكون قد طلبت منها أن تخرج معها دون أن تُخبر زوجها. ومن الأسباب كثرة طلبات الزوجة والتي قد تتجاوز في كثير من الأحيان قدرة الزوج على تلبيتها، فالزوجة المتطلبة لا يهمها من أين يأتي لها زوجها بالمال لتحصل على ما تريده، فهى تريد أن تكون أفضل من جميع قريناتها، وهذا الأمر يتعب نفسية الرجل؛ ويجعله يشعر بأنه عبارة عن ماكينة صراف آلي بالنسبة لها، فينفر منها وتزداد الصِّعاب أمامه منها؛ فيقتنع تماماً بأن طلاقها هو خلاصه الوحيد.
نتجنب هذه المشاكل تعالى نتعرف عليها وهى
ـ التوازن : يكون هنا الدور الأساسي للزوج في خلق حالة من التوازن في التعامل بين الأم والزوجة؛ بحيث يشعر كلا الطرفين بأنه ليس هناك طرف مفضل على الآخر، ويعطي كل طرف منهم الاهتمام والحب بقدر الطرف الآخر، لإقناع والدته بأنها لن تكون أبداً في مرتبة متدنية عن الزوجة.
ـ السرّية : لابدّ للعلاقة الزوجية أن تحظى بقدر من السرّية؛ بحيث لا يبوح أحد الطرفين بمشاكلهما إلى الأهل فتتفاقم دون جدوى، بل يجب عليهما محاولة التفاهم والتخلص من المشاكل بعيداً عن تدخل أي أحد.
ـ التقرّب : يجب على الزوجة أن تحاول دائماً التقرّب من الحماة ومصاحبتها والحرص دائماً على استشارتها؛ حتى وإن كانت لن تأخذ بهذه النصيحة أو المشورة، ويجب إحضار الهدايا لها خاصة في المناسبات مثل عيد ميلادها أو عيد الأم حتى تشعر بالحب والاهتمام.
على الزوج أن يراعي اختيار الزوجة المناسبة لوسطه الاجتماعي، وأن يحاول تحبيب أهله في زوجته منذ البداية الزوج هو همزة الوصل بين أهله وزوجته؛ فليكن فطناً في هذا الأمر؛ وليحرص على إظهار حسنات زوجته أمام أهله، وحسنات أهله أمام زوجته، وليستوعب أي مشكلة ويئدها في مهدها. إذا شعر الزوج بسوء معاملة من أهله لزوجته ولم يستطع التأثير عليهم؛ فليعوض هو زوجته بأن يغدق عليها مشاعر العطف والحب والحنان التي تشعر معها باطمئنان، وأن لها من تركن إليه إذا ضاقت بها الدنيا والناس جميعاً. ليحذر الزوج من كثرة حديثه عن زوجته وحبه لها وأهميتها في حياته أمام أمه، وكذلك ليحذر من فعل ذلك عن أمه أمام زوجته؛ حتى لا يوغر صدر هذه على تلك، وليضبط العلاقة بينهما بحيث يظهر أمام كل منهما أنها أحب الناس إليه، ويا حبذا لو أهدى لكل منهما هدايا تؤلف قلبها وتزيد حبه لها. إذا وجد الزوج أن علاقة زوجته بأمه أصبحت متوترة ولا سبيل لتحسينها فليحرص حينئذ على إبعاد زوجته عن أمه والفصل في العلاقة بينهما إلا في الضرورات.
هناك بعض القواعد التي يجب أن نراعيها عند إختيار شريك الحياة :التكافؤ الإجتماعي والثقافي والمعتقدات :يجب أن يكون هناك ملاءمة بين الأسرتين علي المستوي الاجتماعي والثقافي ، فالزواج مصاهرة بين أسرتين وليس بين شاب وفتاة…. المعتقدات الدينية لكل من الشاب والفتاة ، قد تكون متشددة عند طرف ومتساهلة عند الآخر : هذا يخلق مشكلات بعد الزواج… .الشعور بالأمان والميل العاطفي: وأنتِ بصحبة المتقدم للزواج ،إسألي نفسك هل تشعرين بالأمان معه؟ هل يحترمك أم يسبب لكِ المشاكل ؟هل يحافظ علي شكلك وسمعتك أمام الآخرين… .هل هو ضعيف الشخصية أم تشعرين معه بأنه سند وظهر؟ علاقته بأسرته :العلاقة بين أبويه (حماك وحماتك)هل يعامل الأم باحترام ، الشاب يقلد أبيه في معاملة زوجته في المستقبل…..علاقته بأمه :وهل هو شخصية إعتمادية وأنانية ولا يتحمل المسئولية – هل عودته أمه أن يأخذ ولايعطي ؟ أم العكس .إن طريقة المعاملة من المعاونة والمساعدة والاعتماد علي النفس صورة للنجاح في تكوين أسرة جديدة….هل الأسرة تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في شأنكما أم ترتبان كل شيء معا بمفردكما ، وعندما تطلبان المشورة تجدان المساندة المودة والحب :إن العنصر الأساسي في الزواج هو التفاهم والتوصل إلى اتفاق بخصوص الرغبات والأمور الخاصة بك عندما يتعلق الأمر والحب….نحن نعلم جيداً أن الزواج من الشخص المناسب ليس من خلال كلمة “أنا أحبك” فقط ، ولكن جميع الأفعال التي تؤدي إلى الحب، لذلك يجب أن نقوم بتلك الأمور التي تدر الحب حتى وإن كان في وقت التعب، وطبعاً في ذكرى عيد الميلاد، والرغبة في قضاء الوقت معك والاستماع إلى كلامك واظهار الاحترام لكِ ، والصبر عليك في حالة عدم الفهم، والتقبيل عند الوداع أو الاستقبال ،والمعانقة في أي وقت وبدون سبب…..إن الشخص المناسب هو الذي يعاملك كحبيبة وصديقة، ينظر إلى الوقت الذي يقضيه معكي كأنه الوقت الأجمل في حياته.إن الشخص المناسب والأفضل سيكون مهذبا معك وأكثر تروياً وحباً لك ….. الاتصالات والاهداف والقيم : أنت والشخص الذي سيتزوجك يجب أن تكون أهدافكما وقيمكما في الحياة متقاربة إلي حد كبير ….. يجب أن يوجد مبدأ أننا اتفقنا على ألا نختلف، إضافة إلى عدم الوصول بالمحادثات والنقاشات إلى الملل أو التجريح أو تبادل الألفاظ النابية، فمع الشخص المناسب يكون التواصل مع الأفكار والمشاعر ، والتفاهم بطريقة هادئة .
إن إختيار شريك للحياة ليس بالأمر الصعب ، ولا هو بمثابة صندوق مغلق للمفاجآت التي قد تكون غير سعيدة ، لكن بالتفكير الهادئ ،والإختيار السليم وبالتروي يمكن أن نسعد بحياة جديدة مع شريك تم إختياره بالعقل والقلب معا.