” أنباء الدلتا ” فى جولة تفقدية فى بعض المواقع الاثرية بالمنصورة
ماذا تعرف عن دار بن لقمان ؟
جولة / عماد عيد
قام مندوب”أنباء الدلتا” عماد عيد فى جولة تفقدية فى بعض المواقع الاثرية بالمنصورة، للتعرف على أشهر دار ارتبط بها التاريخ الإسلامي …. أحداث جسام شهدتها مدينة المنصورة، فهى الدار التى لقى فيها الملك لويس التاسع ملك فرنسا شر هزيمة، وتم حبسه فيها، وذلك قبل أكثر من ٧٦٣ عاما لتكون تتويجا لانتصار الشعب المصرى فى المنصورة على الحملة الصليبية.
يقع دار بن لقمان في منتصف شارع بورسعيد في الجهة المقابلة لشارع الثورة (السكة الجديدة) بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية. أقيمت الدار على شاطىْ النيل حينئذ ولكن بمرور الزمن ابتعد النيل عنها مسافة حوالى 500 متر، وهي دار قد بنيت على الطراز العربي القديم المكون من السلاملك وهو سكن الرجال والحرملك وهو سكن النساء. يرجع تاريخ بناء هذه الدار الي ما يربو عن 1100 عام حيث أقيمت مع بدايات إنشاء الكامل محمد بن العادل لمدينة المنصورة عام 975متقريبا حيث كانت المدينة عبارة عن جزيرة صغيرة يطلق عليها جزيرة الورد، حيث بدأ العمران بها وأصبحت مُلتقى للتجارة بين الأقاليم. كان يجاور هذه الدار عند بنائها مسجد كبير يطلق عليه مسجد الموافي نسبة للشيخ الموافي والذي كان يقيم حلقة علم به ودفن به، علما بأن الذي بناه هو الملك الكامل مع بداية تكوين المدينة، ولا يزال هذا المسجد موجوداً للآن ونجد أن قبلة المسجد لا تزال تدخل في حائط دار ابن لقمان مما يدل على قدم هذه الدار وكونها من عهد بناء هذا المسجد.
تعد دار ابن لقمان في مدينة المنصورة أشهر دار ارتبط بها التاريخ الإسلامي، فهذه الدار شهدت أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا بعد معركة شرسة بالقرب من المنصورة. تنسب هذه الدار لقاضي المدينة في هذا الوقت وهو القاضي المصري إبراهيم بن لقمان والذي هو من مدينة القاهرة.
تأتي الأهمية التاريخية لدار ابن لقمان من كونها شهدت نهاية الحروب الصليبية على الشرق العربي، حيث أعلن لويس التاسع ملك فرنسا أنه سيقود غزوة صليبية هائلة (الحملة السابعة) وأن هدفه هو الاستيلاء على مصر التي كانت تمثل العقبة الكبرى في طريق استرداده لبيت المقدس وتجمعت جيوش هذه الحملة في قبرص في ربيع عام1248م وعلى رأسها الملك لويس التاسع نفسه ولكنها تأخرت هناك لمدة 8 شهور وصلت أثناءها أخبار الحملة إلى مصر عن طريق الامبراطور فريدريك الثالث.
كان الملك الصالح نجم الدين أيوب بدمشق حين وصلت الحملة إلى دمياط فلما علم بأخبارها عاد مسرعاً إلى مصر، وتحركت الحملة بعد نزولها إلى جيزة دمياط باتجاه فارسكور إلا أن الملك الصالح نجم الدين أيوب وافته المنية فأخفت زوجته شجر الدر خبر وفاته لحين عودة ابنه توران شاه من حصن كيفا الواقع على ضفاف دجلة. تولى المملوك بيبرس البند قداري قيادة قوات المسلمين وإنزال الهزيمة بالفرنج في معركة المنصورة التي أبلى العامة فيها بلاء حسنا وقتل في هذه المعركة روبرت كونت أرتوا أخو الملك لويس التاسع والذي كان على رأس الجيش بينما كان لويس التاسع عند مخاضة سلمون على بحر اشموم طناح في طريقه إلى المنصورة.
وصل الملك توران شاه وتسلم قيادة الجيش المصري، وبدأ أعماله الحربية بالاستيلاء على جميع المراكب الفرنسية التي تحمل المؤن للمعتدين، وبذلك عرقل خطوط إمدادهم، فاضطرهم إلى التقهقر بعد أن نفدت ذخيرتهم وعتادهم الحربي فقرر لويس التاسع الرجوع إلى دمياط والتحصن بها ولكن قوات المسلمين قطعت الطريق عليهم وطاردوهم وأخذ يغير على الجيش الصليبي أثناء انسحابه تجاه دمياط، ثم طوقهم وسد عليهم طريق الانسحاب وانقضت عليهم قوات المسلمين قرب بلدة ميت الخولى عبد الله بالقرب من المنصورة وتم أسر لويس التاسع ملك فرنسا ونقله إلى دار كاتب الإنشاء فخر الدين بن لقمان. بلغ قتلى الصليبيين في هذه المعركة – كما يذكر المؤرخون – ثلاثين ألفا، فعرض التسليم وطلب الأمان لنفسه ولمن بقى معه من خاصة عساكره وحاشيته، فأجابه إلى الأمان الذي طلب. استسلم لويس الحزين لمصيره حيث أرسل أسيرا إلى دار إبراهيم بن لقمان قاضي المنصورة، وأشترط المصريون تسليم دمياط، وجلاء الحملة عن مصر قبل إطلاق سراح الملك الأسير و غيره من كبار الأسرى، كما اشترطوا دفع فدية كبيرة للملك ولكبار ضباطه، ولم يكن أمام لويس إلا الإذعان فافتدى نفسه وبقية جنده بفدية كبيرة قدرت بعشرة ملايين من الفرنكات.
وفى النهاية أثبتت مصر مكانتها كقلعة وترسانة عسكرية للإسلام وستظل حامية السلام والأمن للعرب وافريقيا ! الى لقاء فى جولة اثرية تاريخية لانباء الدلتا….