تربويات……..
ا د /محمد ابراهيم طه
كلية التربية جامعة طنطا
بين اللوم والعتاب وانا اليوم علي طاوله الغذاء مع إبنتي وأسرتها وبعض الاقارب جري حديث بين واحده من الأمهات وابنتها تلومها علي تصرف ما. جري في ذهني حوار قررت فتحه مع الشباب حولي ،حول معني اللوم والفرق بينه وبين العتاب. وهل هناك فرق في الترجمة الإنجليزية للكلمتين. ام أن اللغه العربيه تحمل قدرات تفوق الإنجليزية في التعبير. كان هدفي نقل خبرتي لهم بدون التدخل. ايه الفرق بين اللوم والعتاب؟ العتاب فيه عشم ومحبه وطاقه ايجابيه اما اللوم فهدفه إثبات خطأ الآخر وكسب نقطه عليه. العتاب لما تسمعيه تحسي حب، اللوم لما تسمعيه يبقي الآخر في حاله دفاع عن النفس وهو احساس سلبي. الفرق بينهم في القول هو طريقه قوله وتعليقك علي الرد في اللوم تتمادي في إثبات خطأ الآخر بعد إجابته فيزداد اللوم عمقا اما في عتاب الأحبه فأي رد يفتح بابا للقبول ويبني علي الإيجاب. قال لي صديقي المثقف عندما ناقشته في اللوم والعتاب: عندك حق فالعتاب هو كلام المُحب برفق من باب: ” لك العتبى حتى ترضى” أما اللوم فهو التكدير بالكلام المُعَنِف بقصد المعاقبة و هو درجة من درجات تاعقوبات الادارية يسبقه لفت النظر و يتبعه الخصم. و هو ينطوي على و يشترك مع حروف مصدرية لكلمة اللؤم. فما أبعد العتاب عن اللوم. وأضاف: و العتاب من نفس مصدر العَتَب و في الثقافة الشعبية: “كلام الاعتاب يطووول بين الاحباب.” و ذلك لأنهم يُستقبلون على عتبة الدار بالسرور و الحبور وبالاحضان و القبلات و السؤال عن الأخبار و الأحوال. و يودعون بالتوصيات بالعودة و الدعوات بالسلامة و بالعناق و دموع الوداع لقُرب الفراق. كما يقال: “الستات أعتاب” عندما يأتي الرزق مع العروس. و “العتب على النظر” للاعتذار الرقيق عن تجاهل غير مقصود. و” العتبة جزاز” للدلالة على الرفاهية ويسر المعيشة المفرحة. و ” تاتا … تاتا … خَطّي العتبة ” لأولى خطوات الطفل على الأرض في اتجاه الخروج للحياة. و طبعاً ” العتبة الخضرا” حيث التجمع السعيد و البضائع الوافرة بالاسعار المتهاودة و حركة سوق القطاعي و الجملة المربحة في الأعياد و المناسبات. و ” لا عتاب على الأعتاب”. حيث لا يصح استقبال الضيوف أو وداعهم بالعتاب. و ” عتاب الندل اجتنابه ” أي تجاهله لانه لا يستحق جهد ولا عاطفة المعاتبة .وبعث لي صديق أخر ، بحثا للدكتورة فؤادة هدية ( أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس ) تقول فيه : ” إن اللوم هو طريقة غير مباشرة يفرض بها الشخص سيطرته على الشخص الذي يُـلقي عليه باللوم ويُعّينْ نفسه قاضٍ وديان له. وهذا مالا يقبله الكثيرون”. والسيد المسيح نبّه وعلّم قائلا:”لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا”. وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الشخص الذي يتعرض دائما لللوم، عندما يحاول أن يتغير فإنه لا يتغير من أجل من يحبهم بل يتغير ليثبت إنه ليس شخصا سيئا. إننا أحياننا نلقي باللوم على أبنائنا ،ازواجنا، قدرنا وأحيانا كثيرة نلوم الله نفسه باعتراضنا على أمور معينة نمر بها. تقول أيضا الدكتوره فؤاده “العتاب لغة راقية تقود قاطرة الحب الى الامام، تشعله بوقود الثقة بالنفس وتنقيه من الإحساس بالفشل.” لكن اللوم !!! عندما نلوم أبناءنا نُـوَلّدْ لديهم شعوراً بالنقص وفقدان الثقة في النفس، ربما البعض منا عانى من لوم الأهل له في طفولته، لذا أعتقد أن العتاب أو التشجيع والتنبيه هو اللغة المثمرة التي تحفز ولا تهدم مثل اللوم. لننتبه كيف نستخدم الكلمات مع الآخرين لأن ” الموت والحياة في يد اللسان ” كما يقول الحكيم سليمان، بكلماتنا قد نقتل أو نحيي من نتكلم معهم. وهناك مثل يقول: أن جرح السيف يُشفى بينما جرح الكلام لا يشفى أبدا… فليكن كلامنا كل حين مُصحوبا بالنعمة، ولنبدل لغة اللوم والإدانة بلغة المحبة والتشجيع. عاتب ولا تلوم