استقلالية «الشهر العقاري» تثير الجدل بين مجلس النواب ووزارة العدل
كتب / اشرف عبوده
يتردد آلاف المواطنين يوميًا إلى مقرات الشهر العقاري، لتوثيق وتسجيل أوراقهم ودفع الرسوم المقررة لها، إلا أن تردي الخدمة المقدمة للمواطنين، يهدر الوقت والمجهود، ويجعل المواطنين يلجأون إلى السماسرة خارج المقرات؛ لإنهاء أوراقهم في وقت قصير، مما يؤدي إلى ضياع أموال على الخزينة العامة للدولة.
وقد هدد الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب ، خلال الجلسة العامة، بتفعيل استجواب ضد وزير العدل، بسبب المشكلات الموجودة في الشهر العقاري، والتي تسببت في شكاوى كثيرة من جانب المواطنين
قائلا: «هناك مخالفة للوائح بالشهر العقاري، أدت في النهاية لعدم تسجيل 95% من عقارات مصر، والسبب في ذلك ممارسات بعض الموظفين»، مطالبا اللجنة التشريعية بإعداد تشريع يحول الشهر العقاري لهيئة مستقلة تتبع وزارة التخطيط، وليس العدل، لما فيها من قاعدة بيانات.
وعليه، أصدرت وزارة العدل بيانًا عن خدمات الشهر العقاري، يشير إلى عملية التطوير لمقراته، موضحة أن الشهر العقاري يعاني من عجز في العمالة؛ حيث إن عدد الموظفين في مصلحة الشهر العقاري بكل مكاتبه على مستوى الجمهورية يبلغ 6 آلاف موظف.
أصدرت وزارة العدل ، بيانًا رسميًا مطولاً، للرد على ما أثير ونشر في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي بشـأن سوء خدمات الشهر العقاري .
وشددت الوزارة أن مجلس النواب هو صاحب سلطة التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ومنها أعمال وزارة العدل والمصالح التابعة لها، ومن بينها قطاع الشهر العقاري وذلك بإبراز السلبيات توصلا إلى معالجتها وتحويلها إلى إيجابيات والكل يعمل بإخلاص لخدمة مصر.
وذكرت الوزارة أن الشهر العقاري يؤدي عمله من خلال قطاعات الشهر العقاري والسجل العيني ومكاتب التوثيق على مستوى الجمهورية، وأن هناك خطة يتم تنفيذها بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية والإصلاح الإداري ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتطويره.
وأوضحت أن بعض الأماكن التي يشغلها الشهر العقاري في محافظات الصعيد والوجه البحري منذ مدة زمنية طويلة، ويتم إحلال هذه المكاتب بمكاتب جديدة تباعًا حيث أنها بحالتها الحالية لاتصلح للتطوير، الذي يتم على قدم وساق بالتعاون مع وزارتي التخطيط والاتصالات وكافة أجهزة الدولة المعنية.
وأشارت الوزارة إلى أن قطاع الشهر العقاري والتوثيق من القطاعات الخدمية الجماهيرية المباشرة التابعة ل وزارة العدل ، وينقسم إلى أقسام (الشهر ـ السجل العيني ـ التوثيق)، وأنها تسعى سعيًا حثيثًا إلى تطوير هذا المرفق المهم لتيسير الخدمات المقدمة إلى جمهور المواطنين وذلك على 3 محاور متوازية.
وأكدت أن قطاع الشهر العقاري يعاني عجزا شديدا في العمالة بكافة أنواعها إذ كان يبلغ تعداد العاملين به خلال عام 2016 نحو 7885 موظفًا من كافة الفئات، ونتيجة لبلوغ بعضهم سن التقاعد القانونية فقد تناقص العدد نهاية عام 2019 إلى 6201 موظف، علمًا أن عماد العمل القانوني بالمصلحة والمختص دون غيره بإضفاء صفة الرسمية على المشهرات والمحررات واعتمادها في كافة قطاعات المصلحة هم الموثقون ـ الأعضاء الفنيون ـ (باحث القانون)، الذين كان يبلغ تعدادهم عام 2016 نحو 3146 موثقًا.
ونبهت الوزارة أن هذا العدد تناقص نتيجة لانتهاء خدمة البعض لظروف عدة حتى بلغ تعدادهم بنهاية عام 2019 نحو 2444 موثقًا مقسمون على كافة الأقسام والقطاعات التي منها الأعمال الفنية بالمصلحة والتفتيش الفني ومكاتب ومأموريات الشهر ومكاتب ومأموريات السجل العيني ومأموريات المجتمعات العمرانية الجديدة ومكاتب التوثيق.
وضربت الوزارة مثالا بأنه إذا تم النظر إلى حجم معاملات التوثيق والتي أتمها بعضهم الموزعون على تلك المكاتب نجدها وقد بلغت (13.416) مليون معاملة خلال عام 2018، وعدد (10.447) مليون معاملة من أول يناير 2019 حتى 31 أكتوبر 2019، ومن ثم يبين ضرورة توفير العمالة المطلوبة خاصة من الأعضاء الفنيين لتقديم الخدمة على نحو مناسب.
وفيما يتعلق بتوزيع حجم العمالة على الفئات النوعية المختلفة، فقد أكدت وزارة العدل أنه جاء كالآتي: قانون (2444)، مالي (897)، تنمية إدارية (360)، مهندسين (19)، مراجع مساحي (272)، كتابي (1814)، حرفيين (84)، عمال خدمات معاونة (311).
وأوضحت الوزارة أن بناءً عليه، عملت على مجابهة بعض آثار هذه المشكلة بالإعلان عن مسابقة النقل الداخلي بين العاملين بأجهزة وقطاعات الدولة المختلفة للعمل بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق نقلا بدرجاتهم المالية من جهات عملهم الأصلية، وذلك بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، وجار الانتهاء من إجراءات النقل بمعرفة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
و ترصد” انباء الدلتا” أراء البرلمانيين والخبراء لوضع حلول لتطوير واستقلالية الشهر العقاري:
بيان عاجل
يقول النائب عبد الفتاح محمد، أمين سر لجنة القوى العاملة ب مجلس النواب ، «لقد تقدمت في السابق ببيان عاجل بعد عدة شكاوي من المواطنين بدائرتي «المنتر بالإسكندرية»، بتدني الخدمات في مقر الشهر العقاري الكائن بمنطقة السيوف، والزحام الشديد، الأمر الذي يجعل المواطن طالب الخدمة اللجوء إلى السماسرة خارج مقر الشهر العقاري، فضلا عن تأثير ذلك على خزينة الدولة». وأوضح أن هناك 95% من العقارات غير مسجلة والسبب المعوقات التي يقابلها المواطن طالب الخدمة، مؤكدا ضرورة التطوير في المقرات؛ لأن ذلك يؤثر على الدخل القومي للدولة، والذي يعد إهدارا للأموال التي تدخل الخزانة العامة، مشيرا إلى أن غالبية النواب تضامنوا مع الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب ، وتأييده في المطالبة لقراره بإنشاء هيئة مستقلة خاصة بالشهر العقاري، والرد خلال 15 يوما، ونأمل في أن تقوم الحكومة أثر التعاون المشترك بإرسال مشروع قانون يحقق ما تم مناقشته في مجلس النواب فيما يتعلق بمصحلة الشهر العقاري واستقلالها أو تبعيتها لوزارة التخطيط.
هئية مستقلة
ترى الدكتورة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية والدستورية، أن مصلحة الشهر العقاري ، لابد وأن تكون هيئة مستقلة؛ نظرا لأن وضعها الحالي مترد، مشيرة إلى أن هناك إهدارا بموارد الدولة؛ لأن غالبية العقارات غير مسجلة، لذلك أؤيد الدكتور على عبد العال، باستقلال مصلحة الشهر العقاري .
الشمول الرقمي
ويضيف الدكتور سيد قاسم، استشاري تطوير الأعمال، أن ميكنة أعمال وخدمات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق التي يتم تطبيقها في بعض مكاتب الشهر العقاري، تعتبر خطوة أولى في خطة التطوير المأمولة لمواكبة إستراتيجية التطوير الكلي للشمول الرقمي، موضحا أن إستراتيجية الشمول الرقمى أكبر بكثير من كونها عملا لشباك واحد للمواطن لتوفير الوقت أو الدفع الإلكتروني وذلك لضمان حركة مرور النقدية في القنوات الشرعية للدولة.
تهيئة العنصر البشري
ويرى الدكتور سيد قاسم، أن هناك بعض إشكاليات للتحول الرقمي وإعادة هندسة الإجراءات بالشهر العقاري، والتى تنتج من تحول المنتج الملموس إلى منتج رقمى غير ملموس، موضحًا أن من أهم هذه الإشكاليات تهيئة العنصر البشري -الموظف بالقطاع والمواطن – ودعمه من خلال الوعي الثقافي الرقمي المشترك؛ للتغلب على هذا التحدي الذي يحتاج إلى تعزيز البنية التحتية للشمول الرقمي.
ربط قاعدة البيانات
ويشير استشاري تطوير الأعمال، إلى أن المواطن ينتظر أن توفرله منظومة الشمول الرقمى من الوقت والتكاليف والآمان في حفظ الحقوق، مطالبًا بضرورة ربط قاعدة بيانات الشهر العقارى وتحليل البيانات الضخمة الرقمية الغير ملموسة، وحساب تكلفه العائد على الاستثمار من هذا التحول الرقمي لهذا القطاع الكبير على الاقتصاد، حيث لابد من أن يظهر مردوده على متوسط دخل الفرد حتى يكون قادرا على المشاركة في نجاح الاقتصاد الرقمي.
عزوف المواطنين
ويؤكد الباحث محمد إبراهيم باحث ومحلل اقتصادي، أن الخوف من التقدير الجزافى وهو أحد عوامل عزوف المواطنين، وتحصيل الضريبة العقارية بجانب ارتفاع رسوم التسجيل، علاوة على العقارات المخالفة للبناء، موضحًا أن هناك فيما يقرب من 95 % من العقارات عقود ابتدائية وغير مسجلة فى الشهر العقاري، ومن المؤكد أن تأخر قانون السجل العيني يتسبب فى ضياع أكثر من تريليون جنيه علي خزانه الدولة، ولعل هذه هي الأسباب التي تعوق عمليات التسجيل ومنها انتشار الاقتصاد الغير رسمي.
تحطيم البيروقراطية
ويقول إبراهيم، إنه يجب على الدولة تطوير بعض مواقع الشهر العقاري من نطاق الشقق السكنية وإعادة النظر في المكاتب والأجهزة وأدوات العمل، مما يساعد على أداء الوظيفة على أكمل وجه مطلوب، مضيفًا أن التطوير لا يكتمل إلا برفع وتنمية وتأهيل العنصر البشري وتثقيف الموظف نحو التعامل مع المواطن بشكل لائق وتحطيم البيروقراطية وتفعيل دور الحوكمة.
الرقمنة
ويرى إبراهيم، أن الحل الوحيد نحو التطوير هو الرقمنة بدلا من الإجراءات الروتينية، وتوظيفها بالشكل الأمثل في تقديم الخدمة لتحقيق عوائد اقتصادية، مما يعود على تحسين الأداء الحكومي ليصبح أكثر كفاءة وفاعلية في تبسيط الإجراءات وإنجاز الأعمال، مشيرًا إلى أن الرقمنة تساعد أيضا على تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطن وتوفير مزيد من الشفافية وتحجيم الفساد والذي يحقق التميز المؤسسي من تأثير إيجابي من شأنه أن يرفع مستوى الخدمات المقدمة من مصلحة الشهر العقاري .
الحكومة الإلكترونية
ويقترح إبراهيم، للنهوض بمستوى الخدمة في مصلحة الشهر العقاري برفع الوعي لموظفي الشهر العقاري بأهمية التطوير، وعلى متخذ القرار التوجيه نحو تصميم برامج تدريبة لمعرفة استخدام التكنولوجيا والحاسب الآلي لدي الموظفين، وكذلك ضرورة المسارعة إلى إيجاد حلول للمعوقات، لا سيما في ظل الإجراءات الروتينية العقيمة، والتي أدت لعزوف المواطنين عن تسجيل عقاراتهم، بالإضافة إلى ضرورة الاستثمار الفعال في تكنولوجيا المعلومات، وتوفير البنية التحتية اللازمة وتطوير مكاتب الشهر العقاري، إلى جانب اختيار مواقع تستوعب المواطنين والإسراع في بناء الحكومة الإلكترونية والقانون الجديد للتسجيل العقاري، مضيفًا إنشاء منصة إلكترونية تلبي حصول المواطن على الخدمة المطلوبة بدلاً للذهاب للشهر العقاري ولتسجيل وحدته.