جهاد النفس … بقلم / اشرف عبوده

جهاد النفس

بقلم / اشرف عبوده

 

 

حياة الإنسان لا تقاس بطول السنين، وإنما تقاس بأعماله، وهذا هو المعيار الحقيقي، كم من أناس رحلوا في ريعان شبابهم، وتركوا وراءهم تراثًا عظيمًا، وذكريات طيبة لا تمحى من عقول الناس وقلوبهم، وكم من أناس عاشوا عمرًا مديدًا، فلما رحلوا ما عاد أحد يتذكرهم بكلمة طيبة، وفي ذلك العبرة لكل إنسان.والسيرة الحسنة كشجرة الزيتون لا تنمو سريعًا لكنها تعيش طويلاً، هي رأس مال الإنسان الذي يعيش به بين الناس، يظل يبنيها بأخلاقه وسلوكه الطيب ومعاملاته الصادقة، هي الميراث الحقيقي الذي يخلفه من بعده، وثروة أعظم من كل كنوز الدنيا، من ربحها، فقد ربح شهادة سبقى في صحائفه، فإنها من الدلائل والبشريات على حسن العمل، إذ لا يجتمع الناس على حسن سيرة أحد، إلا ويكون كذلك.

جهاد النفس هو أمر شاق جدا وخاصة كلما كثرت التحديات وخاصة فى هذه الأوقات التى تكثر فيها التحديات على مختلف الأصعده ، سواء على صعيد الشهوات  أو الشبهات ، فيحاول الإنسان أن يجاهد نفسه ، وبالنسبة للشهوات يجاهد الإنسان نفسه بان يحاول أن يتقى رب العالمين ويرفع من سبل الإيمان إليه ،يحاول أن يغذى نفسه بالطاعات ، كل هذه الأشياء تعنيه على أن يجاهد نفسه حتى يتغلب على الشهوات ، أما بالنسبة للشبهات فليس لها إلا العلم ، لابد للإنسان أن يتعلم وان يعرف حتى يتغلب على جميع هذه الشبهات التى أتت إليه من كل حدب وصوب..

الجهاد الأكبر .. جهاد النفس إن أكبر وأصعب إمتحان كتبه الله تعالى على الإنسان في هذه الحياة هو إبتلاء الإنسان بنفسه ، وعلى أساس نجاح الإنسان وتفوقه في هذه الإمتحان يكون موقعه عند الله ، ومستقبله الدنيوي والأخروي .. من هنا كانت المعركة مع النفس أشق وأخطر معركة يخوضها الإنسان في حياته،  فهي معركة حتمية لإ خيار لأحد فيها ولا يستثنى أحد منها حتى الأنبياء والأوصياء والأولياء .. وإذا كان الإنسان يستطيع إجتناب المعارك والصراعات مع الآخرين بطريقة أو أخرى فإنه لافرار له من معركته مع نفسه وهي معركة دائمة مساحتها طوال عمر الانسان منذ ان يدركه الوعي والى ان تفارقه الحياة ، ويحصل ان يكسب انسان المعركة ضد نفسه طيلة حياته ثم يخسرها في اللحظات الأخيرة من عمره !! ج ـ كذلك فانها معركة شاملة تستوعب كل جوانب حياة الانسان ، ومختلف شؤونه ، وتمتد الى جميع الزوايا والتفاصيل ، فكراً واحساساً ، وعملاً وقولاً ، واشارة وصمتا .. حيث ان خطر الاهواء والشهوات النفسية يهدد سلامة معتقد الانسان وافكاره ، وصحة مشاعره وأحساسيسه ، وصدق اقواله ومواقفه ، وإستقامة تعامله وعلاقاته ..

إنكم مع أنفسكم في جهاد عظيم منذ تعقلون الحياة إلى أن تموتوا وأنتم مع أنفسكم في جهاد لأنكم في هذه الحياة تتعرضون إلى فتن وشبهات وشهوات فلابد أن تأخذوا بأنفسكم عما يضرها وأن تنعوها مما يضرها وأن تلزموها بطاعة الله سبحانه وتعالى، فمن أعطى نفسه ما تشتهي مما حرم الله وما تشتهي من تضيع فرائض الله أعطاها النوم الكسل والخمول فإنها قد ظلمها بمعنى أنه وضعها في غير موضعها اللائق بها وظلم النفس هو احد أنواع الظلم الثلاثة ظلم بين العبد وربه وذلك بالشرك والذنوب والمعاصي، وظلم بين العبد وبين الناس وذلك بالتعدي عليهم في أموالهم وأعراضهم وفي دمائهم، وثالث ظلم النفس وهو ان الإنسان يعرض نفسه لسخط الله وعقوبته بحيث يعطيها ما تشتهي ويوفر لها ما تطلب وإن كان ذلك في سخط الله عز وجل وأعظم من ذلك أنها يمدحها ويزكيها يزكيها بالباطل.

 

شاهد أيضاً

مركز النيل للإعلام بطنطا وتعليم الغربية: ندوة إعلامية حول ( بناء الإنسان والاستثمار فى رأس المال البشرى لتحقيق التنمية)

مركز النيل للإعلام بطنطا وتعليم الغربية: ندوة إعلامية حول ( بناء الإنسان والاستثمار فى رأس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *