كرونا الجهل
بقلم / لميس الحو
تعانى دول العالم الثالث او الدول النامية والتى لا تزال مصر تصنف ضمن دولها من الجهل وغياب الوعى فى ممارسة حياتهم اليومية بصفه عامه، وفى التعامل مع الأزمات بصفة خاصة ، نتيجة للنقص الشديد فى الوعى الثقافى فى شتى مناحي الحياة، والناتج عن الفقر وانخفاض مستوى المعيشه والفجوة الكبيرة بين معدل نمو السكان ودرجة التقدم الاقتصادى.
يعتبر الجهل من اكبر الآفات الموجودة في المجتمع واخطرها على الإطلاق ،وهو سبب فى تخلف الأمم وانهيارها، فالأنسان يجب عليه دائما أن يواكب العلم والمعرفة، ويعزف عن الجهل والتخلف فالعلم يرفع بيتا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف ، بالأضافة إلى أن جميع الشرائع السماوية دعت إلى محاربة الجهل ونبذه والتشجيع على المعرفة وطلب العلم ، ومن الأقوال المأثورة فى هذا الصدد للأمام على بن ابى طالب رضى الله عنه قال ” لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل ” حيث أنه اقرن وربط بين العلم والمعرفة واعمال العقل بالغنى، واقرن الجهل والتخلف عن ركب العلم والمعرفة بالفقر، لأن الفقير هو فقير العلم وليس المال.
الجهل هو أقرب ما يكون لأحد الأمراض الشائعة التى من الممكن أن يعانى منها الأنسان فى مختلف المجتمعات النامية ، والذى يعنى نقص في المعرفة والمعلومات والخبرات وعدم الوعى والأدراك، فالجهل يضع الأنسان فى مشاكل لا حصر لها واحيانا”يتسبب فى موته حينما يجهل كيف يقى نفسه من المخاطر.
وهذا يتضح فى الوقت الحالى، إذا ما وجهنا انظارنا إلى ما يحدث فى مصر الآن من أزمات وكوارث، ونجد أن الجهل الذى يضرب بجذوره فى اعماق أرضنا منذ القدم يحول دون التصدى لها على الوجه الأكمل، فعندما تعرضت مصر فى الآونة الأخيرة لاعصار شديد وسيول مستمرة، كانت المواجهة مخزية من بعض فئات المجتمع التى لا تدرك ولا تعى بخطورة الأزمات ، ومن جانب آخر يظهر ما يسمى بالجهل المتعمد، والذى يتمثل فى المعرفة السابقه والتنبأ بالأرصاد الجوية قبل حدوثها بوقت كافى، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أى إجراءات احترازيه لمواجهة الأزمة، وللأسف الشديد تلى ذلك وباء كرونا اللعينة التى هاجمت العالم أجمع.
ولكن دعونا نستعرض أنماط المواجهة والمقارنة بين الدول المتقدمة وبين الدول النامية فى مواجهة هذا الوباء الخطير، رغم حدوث إخفاقات في بادىء الأمر فى بعض الدول الأكثر تقدما” منا وربما يرجع ذلك إلى نوع من الاستهانة الأولية بالوضع الراهن فى ظل الانتشار السريع للوباء ، الا ان هناك دول متقدمة اتخذت احتياطات الأمن والسلامه بشكل سريع وبكافة الطرق الممكنة والإمكانيات المتاحة، ووجدت استجابة من شعوبها، بل كلفت علمائها بإجراء الأبحاث والتحاليل اللازمه داخل المعامل للوصول إلى مصل وقائي او عقار علاجى ، فأين نحن من هذة الدول..بالقطع نقف فى صفوف الإنتظار لكى نحصل على اللقاح المصنع لديها وبالقيمة التى تحددها، بالأضافة إلى غياب الوعى التام بخطورة هذا الوباء الذى يهدد العالم، ويتمثل في عدم التزام الأفراد داخل المجتمع بأحتياطات الأمن والوقاية.
ومن هنا نستطيع أن نقر أنه رغم التقدم العلمي الذى احرزناه فى بعض المجالات إلا اننا لازلنا نعانى من آفة الجهل المتفشي في المجتمع والتى تقضى على أى إيجابيات تقوم بها الدولة للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين.
كرونا الجهل هو أخطر من فيروس كرونا الحالى، الذى يمكن للعلم التغلب عليه كما سبق وأن تغلب وانتصر على فيروسات الأرض وامراضها، وكما انتصر سابقا” سينتصر لاحقا”عاجلا”ام اجلا”، أما الجهل لا تغلب عليه إلا بالوعى المتكىء على العلم والمعرفة، وهما السبيلان لمواجهة الأخطار.
فياااأصحاب الرسالات العلميه لاتقصروا علمكم على المعامل والمحافل العلمية والتعليمية والجامعات بل انهضوا وتواصلوا مع فئات المجتمع لتعليمهم وتوعيتهم حتى نتخلص من وباء الجهل فى مجتمعنا.