قبل ثورة 30 يونيو كان الجميع يتمنى أن يزول حكم الإخوان، ويضعوا سيناريوهات التخلص منهم، إلا واحدا هو ثروت الخرباوى، كان حاسما وجازما أن نهاية الإخوان ستكون بثورة 30 يونيو، ولذا يبقى الحوار معه مهما وثريا، يكشف فيه كواليس حكمهم، وفترة انضمامه لهم.
وصف انضمامه الى تنظيم الإخوان عام 1983 بأنه حدث عظيم وبأن خروجه عام 2002 حدث أعظم، ووصف تنظيم الأخوان بأنه تنظيم زئبقى بدأ يدخل مرحلة »التيه« ولذا يطالب برلمانات اوروبا باعتبار جماعة الإخوان جماعة ارهابية وبالتحفظ على اموالهم فى دول العالم لمواجهة الارهاب وتجفيف منابع الارهابيين. ذلك هو د. ثروت الخرباوى القيادى المنشق عن جماعة الإخوان والخبير بالحركات الإسلامية ونائب رئيس حزب المحافظين حاليا. لذلك كان هذا الحوار.
بعد مرور ست سنوات، ما رأيك فى أحداث يناير 2011؟
لقد كانت ثورة حقيقية تم توجيهها وتحفيزها وإدارتها نحو مسارات معينة ولقد شاركت فيها وأصبت يوم 28 يناير ولكن إصابتى لم تجعلنى متحمسا للثورة اكثر من الحقيقة العلمية التى اتضحت اثناء الثورة. فالثورات الطبيعية مثل اللؤلؤ الطبيعى وهناك ثورات اخرى مصنوعة بشحن الجماهير. ولإيضاح كلامي، أقول إن سنة 1986 انقطعت الكهرباء فى ثلاث مدن امريكية لمدة ثلاث ساعات والنتيجة كانت حدوث 18 الف جريمة بدلا من 60، وبالتالى سقطت المقولة التى تحدث عنها فلاسفة امريكا بأنها قد أقيمت على منظومة أخلاقية، والحقيقة هى انها اقيمت على منظومة قانونية, وحين غاب القانون غابت الأخلاق. وهذا أيضا ما حدث فى مصر ولاحظناه فى كم السرقات التى حدثت وقت الفراغ الأمني.
وكيف ترى الأوضاع الآن؟
نحن فى مرحلة حشد الآخرين حتى يكون لهم رأى مضاد، أو تحفيز الآخرين للبقاء على الحياد حتى تفقد الدولة جزءا من أنصارها، نحن بلا أدنى شك فى مرحلة الحرب الالكترونية الأولى التى تقوم بتوجيه عقول الناس. ويمكننا أن نلاحظ ذلك من خلال متابعة أحكام القضاء.. لقد كان الناس يهتمون بالأحكام الخاصة بقضية قتل أو اغتصاب أما الآن فأصبح العامة يتابعون ويتعصبون ولهم دائرة أنصار. ولذا اقول لعنة الله على مواقع التواصل الاجتماعي، لقد كان القادر على الكتابة وابداء الرأى مجموعة من الصفوة الذين يعرفون ما يكتبون، لكن الأن اصبح اى شخص يكتب ما يشاء والمشكلة لو وجد لنفسه دائرة متابعين ومشجعين. ولقد بدأت هذه الصورة عام 1979 فى اثناء الثورة الايرانية، التى ادارها معهد «تافيستوك» البريطانى لبرمجة الجماهير والمجتمع الشيعى المتدين والبعيد الى حد ما عن السينما والمسرح، من خلال طباعة الملايين من أشرطة الكاسيت من خطب الخمينى فى باريس كوسيلة للبرمجة الذهنية. وتم استبعاد الليبراليين والعلمانيين لتتحول الى ثورة دينية بعد ذلك، لتحريك المجتمع الشيعى المتدين والملالى لتوصيل صوت الخمينى المنفى من بلده والمقيم فى باريس، وكان ذلك من خلال أشرطة الكاسيت لخطب ودروس الخميني. ومن 1979 إلى 2011 الوسيلة التى استخدمت للبرمجة الجمعية للجماهير هى وسائل التواصل الاجتماعي. لقد تم استبدال أشرطة الكاسيت بالفيس بوك وتويتر وغيرهما من مواقع التواصل القادرة على نقل اخبار زائفة والتى من الصعب السيطرة عليها. ولذا نستطيع أن نقول إن ثورة ايران كانت من خلال أشرطة الكاسيت وثورة مصر كانت من خلال الفيس بوك. واليوم أصبح معهد «تافيستوك» مسئولاً عن تصنيع الرأى العام وتشكيل الوعى لقبول الأنظمة واللوائح والممارسات، وذلك من خلال وسائل غسيل مخ جماعية، والتحكم فى النشاط العقلى، والبرمجة الاجتماعية، والسيطرة على المجموعات. ولهذا المعهد المذكور تأثير هائل فى الولايات المتحدة، حيث تسرّبت أفكاره ووجدت أرضاً خصبة من خلال معاهد ومراكز أبحاث شهيرة مثل «كارنيجى» و«روكفلر» و«ستانفورد» و«مورجان».
ولكن لماذا لا يستشعر العامة أن مصر فى حالة حرب؟
للأسف لا توجد منظومة اعلامية ولا قوى ناعمة ادارت ذلك او قامت بتصدير هذا المعني. لقد غابت القوى الناعمة عن المشهد ولم تدر ما حدث فى مصر بشكل صحيح، ولم نر فيلما أو مسلسلا بموضوع يناقش ما حدث فى مصر فى حين ان أيام ثورة 1952 وحرب الاستنزاف وحرب 1973 وجدنا الكثير من الأفلام والأغانى الوطنية التى ناقشت ووضحت اننا فى حالة حرب وبالتالى الكل تكاتف الى ان تقف البلاد على قدميها. اما الأن فالمواطن لا يستشعر اى شيء لأنه قد تم تشويه وعيه من خلال البرامج على الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى وغياب القوى الناعمة. اليوم.
ولماذا لاتقوم النخب بدورها الآن؟
هناك أربعة أشياء جعلت خصوم الرئيس يدركون ان الشعب وقف مع الرئيس السيسى بسببها. فلقد قال: الشعب لم يجد من يحنو عليه، وقال سأقاوم الارهاب، وقال سادافع عن الأرض، وأدافع عن دور الاقباط فى الحياة السياسية. وقدم اشياء عظيمة تستهدف ترسيخ معنى المواطنة عند الجميع بمساهمته فى بناء المسجد والكنيسة بالعاصمة الادارية الجديدة. ولذا فان هؤلاء الخصوم يحاولون كسر الوعود الأربعة تلك. ويستخدمون بعض الاشياء التى تخرج من السلفية الجهادية التى تمددت فى الأحياء الشعبية والصعيد وتمارس عنفا ضد الاقباط، ليضاف هذا العنف الصادر من مواطن متطرف الى الدولة حتى اننى اسمع من المسيحيين انفسهم تساؤلات عن علاقة الدولة بالتيار السلفي، غير مدركين ان القضاء عليه مستحيل، لانه فكر اصبح موجودا فى المجتمع بالفعل، والقضاء عليه يحتاج الى تركيز من النخب التى تفرغت للنكاية فى الدولة بان تقوم بعمل منظومة حضارية وفكرية وتقوم بتنشيط النقابات والأحزاب السياسية وبالتأكيد سيدعم الرئيس هذا التحرك ان حدث. الرئيس بالفعل ينادى بذلك ولكن الكل يقول فاذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون. الكل يريد «الرئيس الدادة» الذى يقوم بتشغيلنا وتوظيفنا ويجد لنا المسكن ويقاوم لنا الأسعار. فى حين ان تلك النخب التى تقول هذا الكلام وعلى رأسها لجنة الخمسين تحديدا قدموا لنا دستورا معيبا يكبل الرئيس. ولذا أسال هل هناك حزب سياسى قدم مشروعا لمواجهة الارهاب قابلا للتطبيق؟ واى حزب سياسى من الأحزاب القديمة سواء كانت القديمة او الجديدة تحرك بشكل حركى فى وسط الجماهير وتمت عرقلته؟ لن نجد ذلك لأنه لم يحدث اساسا. ونفس الشيء ينطبق على النقابات.
لماذا وصفت مشروع القانون الذى تقدم به السيناتور تيد كروز عضو الشيوخ الأمريكى يطالب فيه بتصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية بالخطوة المهمة التى تأخرت كثيرا فى مكافحة الارهاب؟
بالفعل, فذلك يعتبر محاصرة للتنظيم الدولى للإخوان، لأنه تنظيم زئبقى ومقره الرئيسى بانجلترا، الا ان له مقرا اخر لا يقل اهمية عن المقر الرئيسى بلندن وبالولايات المتحدة الأمريكية، كما ان له منظمتين بامريكا وهما من اقوى منظمات الاخوان فى العالم: منظمة «كير» ومنظمة «ماس» وله ميزانية مالية ضخمة جدا تضاهى ميزانيات دول. واننى اطالب ايضا برلمانات اوروبا بأن تحذو حذو السيناتور تيد كروز باعتبارها جماعة ارهابية وبالتحفظ على اموالهم فى كل دول العالم لمواجهة الارهاب وتجفيف منابع الارهابيين. فجماعة الإخوان تعتبر الداعم الرسمى الأكبر لكل جماعات الارهاب بالعالم، وكان ذلك يتم لسنوات سرا وكان صاحب هذه الفكرة هو مصطفى مشهور الملقب فى وسط تلك الجماعات «بابو هاني». وبالتالى استمدت دعما بشريا ولوجيستيا وسياسيا واعلاميا وماليا من الاخوان، ولذا فان حصارها سيجعل التنظيم الدولى للاخوان يقلل من امكانياته وينشغل بنفسه كتنظيم مطارد ويكون بفترة شبيهة بفترة التيه. سيتيوهون فى بلاد العالم بعد ان كان حلمهم اطلاق فكرة الخلافة الاخوانية وليس الإسلامية.
وهل متوقع هجمات إرهابية بمجرد صدور مشروع هذا القانون بشكل رسمي؟
دول العالم كلها ليست بمنأى عن اى ضربات ارهابية حتى لو لم يصدر هذا القانون، ولكن متوقع ان تكون هناك ضربات انتقامية، ولذا فأنا اتوقع ان تكون هناك ضربة ارهابية كبرى خلال 2017 بأمريكا واخرى بفرنسا.
وكيف سيكون موقف انجلترا التى لا نعلم حتى الآن سر ايواء عدد كبير منهم لديها؟
اقوى جهاز مخابرات بالعالم هو جهاز المخابرات الانجليزية، وهم من انشأوا تنظيم الاخوان فى مصر. كما ان بريطانيا اساسا دولة استعمارية بصيغة امبراطورية عظمي, ولها اطماع فى المنطقة.
وهل يوجد فى تنظيم الاخوان شخص بعقلية وقوة مصطفى مشهور أو يوسف ندا؟
محمود عزت هو تلميذ مصطفى مشهور ويعتبر اخطر شخصية اخوانية لم يتم الوصول اليها حتى الآن فهو اكثر الشخصيات خبثا. اما يوسف ندا فيدير الجانب التمويلى بالخارج الذى كان يديره داخليا كل من خيرت الشاطر ويوسف ندا، اما حاليا فأصبحت الإدارة المالية مفرقة على اشخاص عدة بالداخل والخارج وهناك خلافات بينهم للاستئثار بهذا الأمر.
نسى الناس ما قام به هذا التنظيم من أعمال إرهابية واغتيالات منذ قيامه ونادوا بإعطائه فرصة فى 2012، ما الذى يمكن ان نقوم به لمنع هذا التنظيم من الصعود مرة أخرى على السطح؟
المشكلة لدينا هى ان الشعوب تنسى بعد فترة، جماعة الاخوان قامت بعمليات ارهابية واغتالت الكثيرين فى الاربعينيات والخمسينيات ومع هذا الشعب تناسي، ونسى ما حدث بعد حادث اغتيال السادات، ونسى ما حدث ايضا فى عهد مبارك ونحن بحاجة الى اعطاء الشعب حبوبا لتقوية الذاكرة. ولكن علينا ان نعول هذه المرة انهم قاموا بمواجهة الشعب وليس الحكومة. وعلينا مواجهة المنظومة الفكرية الخاصة بهم.
وماذا عن دور الأزهر؟
علينا مواجهة الاخوان المتوغلين فى جميع مؤسسات الدولة عموما وليس الازهر فقط. وبالتالى فإن علينا ان نقوم بتنقية المجتمع من البوْر الصديدية الإخوانية الموجودة بالموْسسات. وللاسف الازهر غير موْمن بتنقية الخطاب الدينى وحين طالب الرئيس فى اثناء خطاب التنصيب بتجديد الخطاب الدينى رد عليه الازهر ببيان بعد أسبوع واحد لترسيخ مبدأ ان الازهر قوي، واشار فيه الى ان الازهر سيسعى الى «ضبط» الخطاب الدينى ورفض استخدام تعبير تجديد. ثم استخدم الرئيس كلمة تغيير الخطاب الدينى ثم تعبير تصويب الخطاب الدينى ثم استخدم تعبير ثورة دينية، الا انه أخيرا احد المقربين من الامام الاكبر شيخ الازهر قال فى التليفزيون ان تعبير تصويب الخطاب الدينى هو تعبير غير صحيح ونحن لا نحتاج الى تصويب. ثم خرج شيخ الازهر بنفسه وقال الدعوة الى تجديد الخطاب الدينى هى دعوة خبيثة مع ان صاحب الدعوة هو رئيس الدولة. ثم خرج علينا احد المقربين من شيخ الازهر وهو الشيخ عبد الله رشدى وهو اخوانى وانا اعرفه جيدا بعد ذلك حين قال الرئيس فى اثناء وجوده بالكاتدرائية انا فى بيت من بيوت الله، وقال: للرئيس ان يجامل كما يشاء ولكن لا يجامل على حساب العقيدة وان الكنيسة ليست بيتا من بيوت الله وان بيوت الله فى الارض هى المساجد, وليست الكنائس او الاديرة او المعابد. وهذا كلام فيه تطرف، يظهر لنا قدر القوة التى يتحدثون بها وبالتالى انا لا اعول على الأزهر، وارى ان الازهر اذا لم ينتبه ولم يواكب التطور فى المفاهيم واذا لم يسع الى تصويب الخطاب الدينى واذا لم يخرج من ركود السلفية الى ابداعات العقل وتغليبه على النقل سيتحول الى متحف للتراث الاسلامي. وستكون آثار ذلك وخيمة على مؤسسة عظيمة.
ما هو السلاح الأخير للإخوان فى مصر؟
الاقباط هم سلاح الإخوان الاخير، فالعمليات الارهابية ضدهم تجعلهم يغضبون، وهى خطة اخوانية، وتحت يدى هذه الخطة مكتوبة وكتبها محمد كمال بخط يده وقال فيها ان الاقباط هم السلاح الاقوى للاخوان وقال علينا ان نوجه لهم ضربات ثم نوجه الاتهامات للحكومة، فيغضب الاقباط. ايضا يتعمدون الاساءة الى الحالة الاقتصادية لاستغضاب المواطن المصرى الفقير، ويعتبرون ان المعركة الانتخابية القادمة أحد اسلحتهم الاخيرة. وهناك تحالف بين الاخوان وفريق معين من الناصريين واليسار المصرى وفريق من الليبراليين وهذا التحالف أسميه «قوى الشر» وهذا التحالف تحالف انتخابى يقوم على فكرة المصالح تتصالح وهدفهم طرح شخصية من الشخصيات للنزول فى الانتخابات امام الرئيس.