داء الغفلة
بقلم / ايمن جوده
إن الداء الذي أضعفنا وأضغف أمتنا ومصرنا العزيزة هو داء الغفلة ،والغفلة في اللغة هي السهو عن الشيء ، الغفلة فقد الشعور فيما حقه أن يشعر به، وإذا غفل العبد عن نفسه أو عن ماله أو عن أهله، اهلك فى الدنيا ، اما المصيبة الأعظم والداهية الأطم أن يغفل العبد عن دينه أن يغفل عن الله أن يغفل عن اليوم الآخر، ألم تسمعوا ما أخبر الله به عن قوم فرعون وبين سبب هلاكهم حيث قال:{فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}
ومن علاماتِ الغفلة ، وحتى تحاسب نفسكَ : حبُّ الدُّنيا، ذلك الدَّاء الخطير، الذي أهلك الكثيرينَ، وما زال يهلك الكثيرين، ممن انشغلوا بالدنيا … طول الأمل، شَغَل الكثيرينَ عن تذكُّر الموت والقبر والحساب، فترى صاحب الأمل يُمَنِّي نفسه بالأماني العريضة، كأنَّه سيُخَلَّد في الدُّنيا. وقال بعض الحكماء: “الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين”. طول الأمل أكبر داعٍ إلى الغفلة؛ إذ يَتَوَلَّد عنه الكسل عنِ الطاعات، والوقوع في المعاصي، وتسويف التَّوبة، والانشغال بالدُّنيا، وقسوة القلب… المعاصي تَصُدُّ عنِ الطاعات، وخاصة إذا كثرت مع الإصرار وعدم الاستغفار؛ فإنَّ ذلكَ من أسباب الغفلة. قال ابن القيم: “فمِمَّا ينبغي أن يُعْلمَ: أنَّ الذُّنوب والمعاصي تضرُّ ولا بدَّ، وإن ضَرَرها في القلب كَضَرَر السموم في الأبدان، على اختلافِ درجاتها في الضَّرر، وهل في الدُّنيا والآخرة شر وداء إلاَّ سببُه الذنوبُ والمعاصي؟!”
أخي المسلمَ: تلك هي أهم العلامات في طريق الغفلة، وتحت تلك العلامات تندرج أشياء كثيرة، فضعْ نفسَك في ميزان المُحَاسَبة، فتأمَّل في حالكَ: هل أنت منَ الواقعينَ في شيء من تلك العلامات؟
حاسب نفسك اليوم، وعالج أدواءها، قبل أن تهلكَ، وإن أردتَ العلاج القاتل لجرثوم الغفلة، فإليكَ هذه الوصفةَ، وهي خيرُ علاجٍ لهذا الدَّاء:
الإكثار منَ الطاعات: لأنَّ الطَّاعة تُقَرِّب منَ الله تعالى كما أنَّ المعصية تُبْعِد عنِ الله تعالى فكُلما كَثُرتِ الطَّاعات، ازْدَاد العبد قربًا منَ الله تعالى لذلكَ؛ قالَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أو لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ)).
الإكثار من ذكر الله تعالى: ذكر الله تعالى حياةٌ للقلوب، وغيثٌ للنفوس، فكثرةُ ذِكْرِك لله تعالى جلاءٌ لقلبكَ مِن أدرانِ الغفلة؛ قال أبو محمد بن علي الزاهد: “خرجنا في جنازة بالكوفة، وخرج فيها داود الطائي، فانتبذ، فقعد ناحيةً وهي تدفن، فجئت فقعدتُ قريبًا منه، فَتَكَلَّمَ، فقال: مَن خاف الوعيدَ، قَصُرَ عليه البعيد، ومَن طال أمله ضعف عمله، وكل ما هو آتٍ قريبٌ!”.
تَذَكُّر القبر: القبر مَنْزلة الوَحشة، وبيت الوحدة، أهواله فظيعة، ولحظاتُه شديدة، ماذا أعددت له؟ تَذَكَّر تلك الحفرة، والتي لا ينجيكَ مِن أهوالها إلاَّ العمل الصالح.
اقرأ ايضا :