أوكرانيا وروسيا في لعبة عض أصابع مؤلمة
بقلم / اشرف عبوده
دخل الطرفان، أوكرانيا وروسيا، في لعبة عض أصابع مؤلمة، من يصرخ فيها اولاً سيكون الخاسر، لكن يبدو ان هذه اللعبة ستكون طويلة الأمد ويحتاج متابعوها الكثير من الانتظار لسماع صرخة الخاسر التي لن تكون واضحة وعلنية، على الأغلب، عند إطلاقها.
ليس ثمة آلية قانونية دولية تحسم اختلاف الرؤى بخصوص مصالح الأمن القومي للدول لأن هذه المصالح تقوم على تفسيرات وقناعات وليس وقائع ثابتة وصلبة. هذا من سوء حظ أوكرانيا، فعملياً انتصرت الرؤية الروسية على الأرض لأن روسيا هي البلد الأقوى في هذا النزاع. مع ذلك، يقف نص القانون الدولي إلى جانب أوكرانيا بخصوص منع التجاوز العسكري على سيادة دولة ما من جانب دولة أخرى. لكن لن ينفع نص القانون الدولي أوكرانيا كثيراً بهذا الصدد، لأن خصمها في هذا النزاع هو عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولديه حق النقض “الفيتو”، بمعنى استحالة إصدار الأمم المتحدة قرارات ملزمة وواجبة التطبيق بخصوص هذا النزاع، من دون قبول روسيا بهذه القرارات. الامتياز الوحيد الذي تتمتع به أوكرانيا هو وقوف الغرب إلى جانبها في نزاعها هذا من خلال استعداده فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. لكن تستغرق مثل هذه العقوبات وقتا طويلاً كي تظهر نتائجها، ثم هناك الممانعة والبدائل الروسية المحتملة في أماكن أخرى، كالصين، وهو ما يمكن أن يجعل الانتظار الأوكراني لنتائج ايجابية طويلاً جداً.
واتبع الجيش الروسي في بداية الغزو، استراتيجية القصف الجوي الكثيف على أنظمة الدفاع الجوي والقواعد العسكرية الأوكرانية للسيطرة على الأجواء، ثم الانطلاق بعملية عسكرية سريعة نحو العاصمة كييف، وإسقاط حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
لكن الأمور على الأرض تباطأت، كما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلا عن مسؤولين ومحليين من “البنتاغون”.
وذكر مسؤولون غربيون أن القوات الروسية فقدت بعض زخمها، بعد يوم واحد من بدء العملية البرية، نظرا للقتال الشرس الذي يبديه الأوكرانيون.
وتمكن الروس من تحقيق تفوق جوي على أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الأوكرانيين يستخدمون أنظمة متنقلة، وجزئيا لأن الصواريخ الروسية أصابت مواقع دفاع جوي قديمة. إلى جانب ذلك، يركز الجيش الروسي معظم عملياته العسكرية في النهار أكثر من الليل.
وقال رئيس الاستخبارات العسكرية البريطانية، جيم هوكنهول، إن القوات الأوكرانية مستمرة في إظهار مقاومة قوية.
ومع ذلك، حذر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية من أن موسكو لم ترسل حتى الآن سوى ثلث القوات التي حشدتها على الحدود (تتراوح التقديرات بشأنها بين 100- 150 ألف جندي)، لذلك، يمكن لموسكو أن تكثيف الضغط على أوكرانيا في أي وقت.
وذكر هؤلاء أن العملية لا تزال في المراحل الأولى وقد تستغرق من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي يحاول السيطرة على كييف خلال الساعات الأخيرة، لكنه أكد أنه لا يمكن لجيشه لخسارة العاصمة.
توالت التحذيرات الدولية من نشوب حرب إلكترونية بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى، خاصة بعد إثبات هذه الحرب فعاليتها في التمهيد الروسي لغزو أوكرانيا.
ونفذت موسكو خلال فترة حشد القوات العسكرية على حدودها مع أوكرانيا الأسابيع الماضية هجمات سيبرانية على مواقع حكومية أوكرانية.
وقبل الغزو بيوم واحد، أعلنت حكومة كييف تعطل مواقع إلكترونية تابعة لها بعد هجوم سيبراني واسع النطاق، منها مواقع البرلمان ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية، إضافة لحدوث اضطرابات في مواقع وزارتي الداخلية والدفاع وخدمة الأمن.
رغم نفي البيت الأبيض المتكرر عزم الولايات المتحدة شن هجمات سيبرانية ضد روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا، أكدت شبكة “إن بي سي” الإخبارية أن تنفيذ هجمات إلكترونية بهدف تعطيل قدرة روسيا على مواصلة عملياتها العسكرية في أوكرانيا هو ضمن الخيارات المطروحة المقدمة للرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتشمل الخيارات تعطيل الاتصال بالإنترنت في كل أنحاء روسيا، وإيقاف الطاقة الكهربائية، والتأثير على أدوات التحكم في خطوط السكك الحديدية.
ووفق مسؤولين بالمخابرات الأميركية فإن الهجمات الإلكترونية مصممة للتعطيل وليس التدمير، وهي قيد الدراسة الآن.
في المقابل، حذر مركز التنسيق الوطني الروسي لحوادث الكمبيوتر من زيادة هجمات القراصنة على موارد المعلومات الروسية، واستهداف البنية التحتية للمعلومات الحيوية، منوها إلى أن أغراض الهجمات ستكون سياسية، لنشر مواد مضللة في الفضاء المعلوماتي الروسي، وتشويه صورة روسيا أمام المجتمع الدولي.