صل رحمك ..بيت الجد.. الحضن الدافئ في كل زمان ومكان
بقلم / أشرف عبوده
ما أغلى من الولد غير ولد الولد” عبارة تقليدية موروثة تبرر العلاقة الوطيدة بين الأجداد والأحفاد والتي غالباً ما تكون أقوى وأمتن من علاقة الأبناء بآبائهم يحظى الجد والجدة بمكانة خاصة في حياة أطفالنا ، أنَّ “الأب والأم يعيشان الأبوة والأمومة مع أطفالهما في حلوها ومُرّها، لكن الجدَّين يعيشان مع الأحفاد الأبوَّة والأمومة المتأخرة في حلوها فقط، أما الجانب المرّ فيتركانه للأب والأم”. لذا، يرى الأجداد في الأحفاد امتداداً طبيعياً لسلالتهم ومصدر سعادة وفخر في حياتهم، وبدورهم، يرى الأحفاد في الأجداد الحضن الذي يعطيهم الإحساس بالأمان والانتماء. ويزوِّد الأجداد الأحفاد بنوع من الثراء العاطفي والنفسي، كما يزودونهم بالخبرات والمعارف الأساسية في الحياة نتيجة التجارب والخبرات
الطفل الذي يحظى بوجود أجداده في سنين عمره الأولى بشكل خاصّ هو طفل غير عصبي، ولا يتوتر عند المواقف، ولا يشعر بالكآبة وخيبة الأمل عندما لا يحصل على ما يعجبه، لأنه اعتاد على أن هنالك حلّ لكلّ شيء بناءً على خبرات أجداده الذين عزّزوا ذلك فيه. هذا يؤثّر على الطفل بشكل إيجابي لاحقًا، ويقوّي أداءه في المدرسة وفي التعامل مع الآخرين، ويعزّز ثقته بنفسه ويتعلّم من خلاله طريقة التحكّم بمشاعره مع الأصدقاء دون أن يتسبّب له بأي ضرر
إن حبّ الأجداد لأحفادهم هو حبّ غير مشروط، يشعر الطفل به دون أن يخبروه به. هم لا يقولون له مثلاً أن ما يفعلونه هو لأنهم يحبونه، لكن الطفل يكتشف ذلك بنفسه، مما يؤثر إيجابيًا على طباعه، وبالتالي تتشكّل شخصيته لتصبح مسؤولة وقادرة على التعبير عمّا بداخلها من خلال التصرّف وليس فقط بالكلام. هذا لا يمنع أن يقول الأجداد لأحفادهم “نحن نحبكم”، ولكنهم يقولون ذلك في أوقات عادية بعيدة عن أي موقف خاص، حتى لا يشعر الطفل أن كلمة الحب التي صدرت من أجداده هي فقط بمثابة تخدير للموقف كي يتقبل الطفل النصيحة والمشورة
ولأن الأجداد لم يواكبوا عصر التكنولوجيا الحديث بكل جوانبه وهم أطفال، فقد كانوا أطفالًا تربّوا على أبسط طرق الترفيه والتعليم، والتي لا ننكر إنها كانت أفضل تربية نفسية صحّية سليمة. هم يتعاملون مع أحفادهم بتلك البساطة في الترفيه واللعب والتعليم. الأحفاد يجدونها طريقة جديدة وممتعة خصوصًا إن أغلبها ألعاب ترفيهية جماعية تساعد على زيادة الترابط الأسري، والتي من خلالها يكتشف الأهل والأحفاد مواهب وهوايات الاطفال خلال ذلك الوقت الثمين معهم بعيدًا عن الأجهزة التي تمنع الطفل من عمل أي شيء آخر. فمجرد أن تذكر الجدة أنها كانت تحب التطريز، تجد حفيدتها أتت إليها بالخيوط لتتعلّم منها، وإذا ذكر الجدّ شيئًا عن الحرف اليدوية لا يكتفي الحفيد بالاستماع بل يطلب من جدّه أن يكرّر الأمر أمامه ليرى بنفسه ويتعلّم منه
الأسرة هي أهم شيء في حياة الأجداد، لذلك يستمر عمل الأجداد كما بدأوا من خلال تعزيز الروابط الأسرية، وتقوية العلاقات في العائلة الكبيرة، وتعريف الأحفاد على بعضهم البعض لبناء جيل يعتمد على الحب، لتشكيل سلوك شخصي صحيح بين أفراد الأسرة من خلال الاجتماعات العائلية التي تجتمع فيها كل الأسرة للتحدّث وزرع الاهتمام بأمور باقي العائلة، وليس فقط التركيز على الأمور الخاصة
ومن منا لم يرتم في حضن الجدة إن قست عليه الحياة.. أو لم يتصل بجده وجدته ليدعوا له بالتوفيق والنجاح قبل الامتحان، ومن منا لم يطلب من جدته طبقه المفضّل.. ومن منا لم يحظى برمية مداعبة مع ضحكة شقية من عمه أو خاله.. ومن منا لم يعبث في خزانة عمته وخالته ليرتدي ملابسها ويجرب ويلطخ وجهه بماركات الماكياج التي في درجها. ومن منا لم يغضب من والديه لأنهما يحاولان تطبيق القوانين، ولكنه حظي بدفاع قوي وهجمة مرتدة من جده وجدته.. هذا هو بيت الأجداد باختصار.
الأسرة هي أهم شيء في حياة الأجداد، لذلك يستمر عمل الأجداد كما بدأوا من خلال تعزيز الروابط الأسرية، وتقوية العلاقات في العائلة الكبيرة، وتعريف الأحفاد على بعضهم البعض لبناء جيل يعتمد على الحب، لتشكيل سلوك شخصي صحيح بين أفراد الأسرة من خلال الاجتماعات العائلية التي تجتمع فيها كل الأسرة للتحدّث وزرع الاهتمام بأمور باقي العائلة، وليس فقط التركيز على الأمور الخاصة