الكاتب الصحفى عاطف دعبس يكتب  … جمعيات تكريم الإنسان

الكاتب الصحفى عاطف دعبس يكتب  … جمعيات تكريم الإنسان

 

 

هذه جمعية فى طنطا ومثلها كثير على مستوى مدن الجمهورية كما علمت مؤخراً، وهى تخدم وتكرم الإنسانية وتنوب عن أسرة أى فقيد رحل عزيز لديها، فما عليك إلا أن تتصل بها فتأتيك فورا لتستلم الحالة وتغسلها وتنقلها لباب القبر وفى أى مكان بعيد أو قريب وبالمجان! ولا حتى إكرامية! وهذا غريب فعلاً، هذه جمعية أراحتنى من فكرة أنى سأموت عاجلا أو آجلا ولكن كيف ومن الذى سيقوم بمهمة وطقوس الغسل المعروفة، وأين يمكن حدوث ذلك وشققنا الحديثة ضيقة ولا تتحمل هذا العناء ناهيك عن الضغط النفسى فى وجود أطفال وصبية وحالة هستيرية لفقد عزيزهم.. مثل هذه الخدمة الإنسانية المجانية تجعلك لا تفكر فى من سيحمل النعش من البيت للمقابر وهو المشهد الذى كاد أن يختفى، وانشغالك بعدد المشيعين وطول الطريق بعناء -أجرنى-.

 

تحية تقدير لجمعية «رواحل» فى طنطا والتى سمعت عنها منذ أيام وأنا فى عزاء قريب، وأسرتنى الفكرة وطريقة الخدمة التى هى لله ويدعمها أهل الخير وبارك الله فى صاحبها وهى صدقة جارية على روح مؤسسها د. وجيه محمود عوارة.

 

لا تشغل نفسك بمن يغسل فقيدكم ومن ينقله للقبر وسواء كنت قادراً أو فقيراً فهى معك بكل الأحوال لدرجة أننى كتبت هواتفها فى قائمتى! هذه تجربة ارتحت لها جدا، رغم أنها تتحدث عن رحيل إنسان وفقد عزيز ولكن هذه هى الحقيقة الوحيدة التى نعلمها جميعا.. ولكنها ذكرتنى بمكالمة لصديق لواء شرطة شكا لى عن معاناة تجربته القاسية مع المستشفيات الجامعية بطنطا وكيف أن المريض الذى يلفظ أنفاسه داخل المستشفى لا يسلم لأهله ولكن لمشرحة المستشفى ومعه تصريح الدفن الذى لا يسلمه المسئول عن المشرحة لأهله إلا بعد دفع رسوم ولا يسمح بأى حال تسليم الجثة لذويها الذين يقفون مذهولين من تحكم المغسل وأصحاب سيارات نقل الموتى مع وجود سيارات معهم، وفصالهم فى تسعيرة التوصيل، وهو لواء ودفع مرغماً لأن الموقف لم يكن يحتمل مزيدا من حرق الدم!

 

الصورة الأولى فيها إنسانية حيث لا منافسة على مال ولكن جهاد فى الله ولله أما الثانية ففيها كل ما جعل الناس لا تتمنى دخول المستشفى للعلاج فقد يموت فيها وتعانى أسرته وتستغل لمجرد أن مصير جثته أصبح معلقا فى يد المشرحة والسائق الذى لابد أن ينقلها هو! والمزاد الذى يقام والمناهدة، وتعرف أن المستشفيات سلمت الميت إلى المشرحة كنظام متبع وبمزاد مدفوع لها لزيادة حصيلتها! وهى حتى لا يمكنها فعل غير ذلك إلا بالحب وحسب العلاقات والمكالمات!

وربنا يجعلنا من نصيب جمعيات الخير التى لا تتاجر بالجثث! ويبعدنا عن بيوت الغسيل الإجبارى مدفوع الثمن، ويا ليته ثمن معقول ويراعى ظروف أهل الفقيد ومشاعرهم الحزينة..

ويا مسهل.

شاهد أيضاً

انطلاق مؤتمر هندسة القوى الميكانيكية الدولي الأول تحت عنوان “استدامة وترشيد الطاقة” بمدينة الإسماعيلية

بحضور القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا ولفيف من القيادات الجامعية وممثلي القطاع الصناعي: انطلاق مؤتمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *