الكاتب الصحفى عاطف دعبس يكتب عن ” مهازل سرادقات العزاء “
كلما ذهبت لواجب عزاء أخرج منه منزعجا ومندهشا وغاضبا! ومهزوم نفسيا! رغم أنه يجب أن يكون شعورى هو العكس تماما يحدث لى ذلك بسبب السرادق الفخيم والذى تكلف آلاف الجنيهات يعج بالفوضى من أنصار الشيخ المقرئ والذين يحيط به من الجانبين والأمام أنصاره الذى جاء بهم بالكاميرات الثابته والمتحركة
ومن إنشغال معظم المعزيين بالاحاديث الجانبية والتصوير – السلفى- فلا القارئ للقرأن الكريم يحترم ما يتلوه وكل تركيزه على -الصييته – والذين يتابعونه عن كثب ويراقبون مخارج ألفاظه بنفسه الطويل بكل إعجاب
والفيديو الذى يسجله ليضيفه فى سجل قراءاته للتسويق لنفسه.
وأما آخر المدهشات والجديد فى عالم شيوخ السرادقات هى – حبل الفلوس- الذى يقوم أحد المتابعين أو قل المعجبين بإعداده مسبقا ليطوق به رقبة القارئ الفظيع على سبيل النقطة، مصحوبا بضجيج المدح والثناء على نفسه الطويل وصوته الجميل، أما أغلب الحاضرين فكل منهم فى واديه الخاص الذى يشغله ويسيطر على مشاعره المتضاربة! ويضيع ذكر الآيات بلا أثر ولا تأثير فى القلوب، اما الفيديوهات واللقطات التى تتسلط على الجميع فهى -الفيروس- الذى يجعل الشخص المتفاجئ بما يحدث حوله يتأثر ويأسف بحرقه على سرادقات كان لها هيبة ووقار وتأثير مريح للنفس ناهيك عن توزيع المشروبات والمثلجات الخ
وندخل على -شاويش- السرادق أو المذيع الداخلى او مذيع الربط! نعم فنحن فى الحقيقة نجلس فى استديو او نتابع مسرحية هزلية على شرف المرحوم الذى مات وارتاح من كل هذه المهرجانات الفارغة،
فتجد هذا – الشاويش- يحيي صاحب الفراشة بشخصه وعنوانه وتليفونه
والشيخ القارئ بالاذاعة والتلفزيون والكهرباء الحديثة! ولا يبقى إلا أن يشكر موظفى الكهرباء والمحليات ومدير أمن الاستاد!
والثقيلة على نفس كل المعزين عندما يحيي أحدهم بالاسم باعتباره من أصحاب القامات الرفيعة فى المجتمع وصاحب فضل على الجميع بالسرداق! وينسى ان جميع المعزين جاءوا لواجب عزاء وليس للتسجيل فى لوحة الشرف! ولا أنسى عزاء آخر ، قام أحد أصحابه بدور -الشاويش- وأثنى وأشاد بحضور فلان بك الضابط!
وسيادة النائب فلان الفلانى!
هذه كلها مسرحيات هزلية لا دخل لأهل الميت بها، اللهم إلا أنهم يدفعون مصاريفها ولا يدرون بكل ما يحدث فى سوق العزاء الداخلى! وكل همهم هو الدعاء لفقيدهم العزيز والله أعلم بحالهم!
يا سادة هذه تصرفات لا تليق بنا كشعب يدعى التدين وإحترام القرأن الكريم ويحسن الإستماع والإنصات له! ويتصور أنه يفهم فى الشرع وهذه السرادقات لا علاقة لها بالشرع والدين ولكنها بدعة تطورت لما وصلنا اليه بكل أسف!
ولا أجد فى هذا المقام الا الدعاء بأن يراجع مجتمعنا هذه البدع ويرجع عن الإسراف فيها والا يجعل الموت حدثا لاقامة مهرجانا سخيفا ومؤسفا وخارجا عن القيم التى تعلمناها عن العظة من الموت والرهبة فى مقام ذكر أيات الله وحسن الإستماع للقرأن الكريم
ولا أنسى وصيتى فيابنى عندما أشيع لمثواى الأخير لا تنصب هذا السيرك واكتفي بالعزاء على رأس القبر ولا تجعلنى سببا لاقامة مسرحية باسمى وأنا طول حياتى لا أجيد الطبل ولا أحب الهزل فى غير موضعه.
ويا مسهل