أسعار الأدوية تعصف بالمواطنين
بقلم / اشرف عبوده
أن الأمن الدوائي الصحي قضية أمن قومي … الدواء ليس سلعة ولكنه حق لكل مواطن حسب المواثيق الدولية؛ ويجب أن يكون متوفرا للمواطنين بسهولة، وبسعر مناسب، في الوقت المناسب، بالجرعة المناسبة، ولمدة كافية.
أنّ سوق الأدوية شهد زيادة أسعار نحو 2000 صنف دواء تقريبًا، بنسبة تتراوح بين 15% الى 25% منذ مطلع السنة الحالية، وحتى منتصف أغسطس … والأغرب يفاجئ المواطن كل يوم بتحريك جديد لسعر الأدوية، ويصبح التفسير وراء اختفاء صنف دوائي هو إعادة تسعيرها وعودتها بسعر جديد بزيادة 50% من ثمنها الأصلي.
لقد شهدت سوق الدواء في مصر زيادات متتالية في أسعار الأدوية ، وان مبرر شركات الأدوية هو نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، أو عدم وجود السيولة الدولارية المطلوبة للإفراج عن البضائع المكدّسة في الموانئ. بالرغم ان مصر تمتلك مخزونًا إستراتيجيًا من الأدوية المستوردة يغطي إلى ست أشهر مقبلة، بينما يغطي مخزون الأدوية المصنّعة محليًا حتى سنة مقبلة
هناك عشوائية واضحة في تسعير الدواء داخل مصر، بصورة بدت واضحة منذ بداية إصدار قرارات تحرير سعر العملة في نهاية عام 2016، حيث قامت الحكومة في يناير عام 2017، بإصدار قائمة ضخمة من زيادة الأسعار شملت أكثر من ثلاثة آلاف منتج دوائي كانت تمثل وقتها أكثر من 75 % من الأدوية الأكثر تداولا في السوق المصري، ومن بعدها ومنعا لتكرار نوبات الغضب الشعبي، فقد لجأت الحكومة إلى وسيلة تحريك الأسعار وهي آلية تسمح برفع أسعار أصناف قليلة وبصورة تدريجية
ومنذ ان قامت الحكومة بإنشاء هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء وتكون مسؤولة عن ترتيبات الإنتاج والتسعير للدواء المحلي ومعها هيئة أخرى تكون مسؤولة عن إجراءات الاستيراد من الخارج، وقد تم بالفعل إصدار القانون رقم 151 لسنة 2019، بإنشاء هيئة الدواء المصرية لتولي مهام الجانب الأول، والهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية لتولي مهام الجانب الثاني.
أوضح رئيس هيئة الدواء المصرية يوم 21 مايو الماضي أن حجم صناعة الدواء يقدر بنحو ١٧٠ مليار جنيه، مشيرا إلى أن عدد المصانع التي تعمل في مجال الدواء تقدر بنحو 174 مصنعا قائما وعدد خطوط الإنتاج وصلت لنحو 720 خطا وهي خطوط متميزة، وفي اليوم التالي أعلن المستشار الطبي برئاسة الجمهورية أن أسعار الدوار في مصر هي الأرخص عالميا، وأن 88 بالمئة من احتياج الدواء هي من الإنتاج المحلي، وبعدها بيوم نفى رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، أن يكون هناك تحريك في الأسعار بالفترة المقبلة، ولكن وبعدها بأيام قليلة أعلنت هيئة الدواء المصرية عن قرار زيادة أسعار عدد من الأدوية وبنسبة كبيرة في زيادة تبدأ من 23 بالمئة، لتبلغ 120 بالمئة لبعض الأصناف.
هذا وقد اصدر الدكتور وزير المالية، فى فبراير العام الماضى 2022 قرار بإعفاء الأدوية والمواد الفاعلة في الإنتاج، والدم ومشتقاته واللقاحات، من الضرائب، بالإضافة إلى تعليق أداء الضريبة على الآلات والمعدات المستوردة لاستخدامها في الإنتاج الصناعي لمدة عام من تاريخ الإفراج، وإسقاطها فور بدء الإنتاج ؟ ولم يجدد مرة اخرى لمنع ارتفاع اسعار الدواء فى مصر.
إن سوق الدواء تعانى من انفلات فى الأسعار وزيادة كبيرة فى الأصناف الحيوية التى لا غنى عنها للمرضى، وإن هيئة الدواء حينما وافقت على زيادة الأسعار لم تأخذ فى الحسبان الظروف الاقتصادية للمرضى، وانحازت لصالح أصحاب شركات الأدوية الذين يحققون أرباحًا بالمليارات على حساب المواطنين.
علما بان التجارة بشكل عام في الأدوية من أنجح المشاريع، ولا يختلف عليها اثنين في ربحها الكثير طوال العام، وذلك يرجع لأن الناس يُقدمون دائمًا على شراء الأدوية وأن العمود الأساسي له هو الصيادلة، فالصيدلي بالنسبة للأسرة المصرية ليس مجرد صيدلي، ولكنه يقوم بأدوار كثيرة، حتى إنه يمثل بنك تسليف في بعض المناطق، وكل هذا وسط محدودية الإمكانيات، فهو أقرب شخص للأسرة المصرية البسيطة وأن هامش الربح للصيدلية يكون 25% للأدوية المصنعة محليا و18% للأدوية المستوردة