الكاتب الصحفى عاطف دعبس يكتب عن ” الطوفان فى الميزان”
رغم كل ما يقال عن طوفان الأقصى التى نفذته حماس منفردة وإقتحمت فيه مستعمرات إسرائيل وقتلت وأسرت جنود ومدنيين بينهم أطفال ومسنين، وأنه وضع القضية على الطريق وجعل العالم يعيد تفكيره فى حل الدولتين الخ
الا أنه مازال فى كفة الميزان غير راجح ولم يحقق أى هدف من وجهة نظرى بل بالعكس وضع الطوفان المنطقة كلها فى حالة حرب وخلق أزمة بلا لزمة
فغزة كمدينة أصبحت خراب وركام وأستشهد حتى الأن مايزيد عن 20 الف برئ بينهم أطفال ونساء وجميعهم مدنيين عزل
ناهيك عن أن جنود الاحتلال أصبحوا بداخلها وغيرها من المدن الفلسطينية التى كانت تعيش وتعمل بصورة طبيعية فضلا عن خسائر حزب الله فى جنوب لبنان وقرصنة الحوثيين فى باب المندب الذى أصبح يمثل خطرا داهما على قناة السويس وأثره يمتد لمعظم دول العالم
حقق طوفان الأقصى كل هذه الخسائر فى المنطقة العربية مع كل مشاكلها الإقتصادية التى تربك المشهد وأضافت لمشاكلنا معضلة كنا فى غنى عنها،
الطوفان لم يحقق حتى الأن فى رأيى إلا الخراب وحتى فكرة طرح القضية ووضعها على مائدة المفاوضات، حتى تلك كان يمكن تنفيذها بالمظاهرات والمناشدات والدبلوماسية العربية
صحيح أن إسرائيل الأن فى موضع المدان عالميا ومتهمة بالوحشية والبربرية ولكن كل ذلك لن يؤثر فيها ولن يحاسبها أحد على جرائمها الإنسانية، لان أمريكا معها تساعدها وتدعمها وتشد من أزرها..
الطوفان حتى الأن خاسر وأمله الوحيد ليس فى وقف القتال لان هذه لن تعيد غزة لما قبل 7 أكتوبر ولن تبنى ما سقط وتحول لتراب ولن تحيى من مات وإرتقى
فإسرائيل أسرت الالاف منذ ذلك التاريخ بالإضافة الى ما هو أسير بالفعل فى سجونها، ومهما بادلت مع حماس أسير لها مقابل ثلاثة من فلسطين فستبقى سجون إسرائيل مليئة بالأسرى
الشئ الوحيد الذى يرجح كفة حماس بالميزان هو تنفيذ حل الدولتين على الأرض، وإجبار العدو على تنفيذ قرارات الامم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية،
لو تحقق ذلك فعليا فيحق لحماس أن تباهى وتفتخر بل وتحتفل بالطوفان
أما نغمة أن العدو لم يحقق أهدافه ولم ينل من حماس ولم يغتال قياداتها فهذا كلام للإستهلاك المحلى ولا يقنع أحد على أرض الواقع
نحن نعيش حالة حرب فى المنطقة بسبب هذا الطوفان وكل التنبؤات تشير إلى أن إسرائيل مازالت تقتل الأبرياء وتهدم المدن التى ستحتاج لمليارات وسنوات حتى تعود لسابق صورتها
وطبعا الشهداء فى الجنة.. الأطفال والمدنيين الأبرياء عند الله بلا ذنب ولا جريرة لمجرد أن حماس أرادت ذلك منفردة فى مغامرة غير محسوبة
الطوفان وضع المنطقة كلها فى حالة إحتقان وتوتر وإرتباك إقتصادى وكأنه كان ينقصنا بجانب تداعيات كورونا وأوكرانيا
الطوفان حتى الأن لم يضيف الا الخراب ودم الأبرياء العزل وتمركز أساطين العدو فى البحرين الأبيض والأحمر، وما كنا نشكوا من شحه ونقصه، أصبحنا نتمنى وجوده بالشح والنقص،، والغلاء
الخلاصة أن حل الدولتين لن يتم من وجهة نظرى، الا إذا توحدت الجبهات الفلسطينية المنقسمة وتسير فى طريق الحل وتوفر له المناخ المناسب،
وألا نرى كما سبق ورأينا، أن فصيلا يعرقل جهد الفصيل الأخر وكأنهم جميعا إتفقوا على بقاء الوضع كما هو عليه وما تاريخ الفرص الضائعة إلا سجلا مفتوحا لكل من يبحث عن دليل وبرهان مفاده أن هناك إتفاق على عدم الإتفاق على أى حل مهما حدث، وأن القضية بوضعها المخزى، هو أفضل حل للمتنافسين على السلطة والمنقسمين عليها، والمستفيدين من نارها،
أما شعب فلسطين فهو الشهيد الذى تحت الطلب دائما
أتمنى النصر لفلسطين وأن يكون لها أرض لا ينازعها أحدًا فيها وأن تصبح دولة حرة مستقلة وهذا يمكن تحقيقه الأن بالإتحاد والإتفاق على أن الدولة الفلسطينية هى النصر وهى المكسب وهى أثمن من كل المكاسب
ويارب النصر لفلسطين
ويا مسهل