السهل الممتنع
بقلم / لميس الحو
هى من يُقال عنها ويصفونها بالسهل الممتنع والصعب شديد السهولة ، معقدة الفهم يصعب شرحها، بسيطة فى عشرتها، هادئة النفس سريعة الغضب ، ابسط الأشياء تُرضيها، إذا أحبت أعطت وإذا أعطت فاض عطاؤها، ما خالطت أحداً الا وتركت فيه اثراً لا ينسى، وإن رحلت ترحل بهدوء تاركه ورائها طيب الأثر.
هى تلك المرأة التى تقدس ذاتها ، تعرف قيمتها جيداً ، صادقة فى كل شىء ،فى الصداقة فى الحب فى الاحساس فى معاملتها للناس .
هى امرأة من طراز قديم تهوى كل شىء عتيق فيه عبق الماضى الاصيل…تفكر بعقل عجوز فى السبعين وتشعر بقلب فتاة فى العشرين… هى التى تحتار فى تحديد اى مزاج او اى حالة شعورية تعيشها.. يظنها الجميع انها كناب مفتوح من شدة وضوحها لكنهم يتفاجئون انهم لم يقرأو منها سوى صفحة واحدة.
هى تلك المرأة التى لا تعرف الخضوع تعيش حرة بكبريائها معتزة بنفسها تمر بالصعاب بمفردها بصورة تجعلك ُُتُجزم انك لم ترى فى صمودها وقوتها.
هى الصديقة التى تمثل السند ورغم ذلك ترفض ان يكون احداً سندا لها لأنها تأبى ان تعترف بضعفها.
هى تلك الطفلة التى ان رأيت مشاكستها ومداعبتها حكمت انها لم تكبر بعد .
هى امرأة تمنح كل من حولها الطمأنينة وتضحى من اجل اسعادهم، منحها الله نهر فياض من الحب والعطاء يجرى فى شرايين قلبها… إمرأة كالوردة ، ان أحبت بصدق تجدها تكبر وتنمو وتنشر عبيرها لمن حولها… لا يقاس عمرها بالسنين والاعوام، فهى مثل النبته كلما اغدقت عليها حباً واهتماماً نمت وازدهرت وازدادت جمالا فواحاً … هى امرأة قوية لا يضيرها غائب ولا يعذبها إشتياق…. امرأة وضعت حدود للتعامل معها، تعرف متى تتكلم ومتى تصمت ومتى تثور ومتى تهدأ.
امرأة تعرف الفرق بين الجرأة والوقاحة… امرأة تعرف متى تكون فى قمة انوثتها ومتى تكون اصلب من الرجال… تعرف متى تكون مدللة ومتى تحمل على عاتقها مسؤلية الحياة…تعرف متى تكون رقيقة ناعمة ومتى تقسوا بلا مبالاة.
البعض يراها مغرورة متعالية وقالوا عنها عنيدة متمردة ، لكنها متفردة مختلفة واثقة بنفسها، تحترم ذاتها، يحكمها عقلها وترشدها مبادئها، لها قناعتها انها مختلفة لا تشبه احد .
امرأة قاسية كبرد الشتاء المطير احياناً ، لينة ورقيقة كنسمة الربيع العليل احياناً اخرى.
امرأة تعيش على كم هائل من الكبرياء لا يكسرها سخف مجتماعتنا الغوغاء… هى تلك الذات التى لا تقبل الاهانه او المهانة ابداً ، حياتها دائماً تعيشها بكرامة، ان حاول احد المساس بها وضعته فى طي النسيان وان قدرها وضعته فوق الرأس وادانت له بالعرفان ، تنظر من بعيد لمن خذلها على أنه خسرها ولن يستعيدها كسابق عهدها ووعدها بالمحبة والبقاء .
تسير على نهج الكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة وبذل المعروف وكف الأذى ، كرامتها وعزة نفسها أثمن ما تملك من يحاول العبث بها يلقى رداً لا يتمناه وربما تطيح به إلى آخر منتهاه.
امرأة مزاجية كأختلاف فصول السنة تجمع فى يوم واحد كل المشاعر، تسعد بوردة وتغضب لكلمة ، تثور لموقف ، تبكى لحالها ، تهتم بالتفاصيل الصغيرة، لديها قلب لا يعرف الزيف فى المشاعر، ان احب احب بصدق، وبذل كل طاقته فى إسعاد من يحب، يصفوا سريعاً ويتغافل ويسامح من اجل إبقاء الود.
امرأة تجمع كل المتناقضات فى آن واحد الواثقة الخائفة ، المنطلقة الخجولة ، القوية اللينة ، الواقعية الحالمة ، الساذجة الواعية، المحنكة العفوية، الاستثنائية العادية ، العنيدة المستسلمة، البسيطة المعقدة، الهادئة الشقية، كل هذه المتناقضات تصنع شخصيتها .
امرأة تجمع كل مراحل العمر فى سلة واحدة من صدق المشاعر والفكر والثقافة والخبرة، طفلة حين تتعلق ، مراهقة حين تحلم ، ناضجة حين تفكر وتقرر .
امرأة لا يعجبها ما يُعجب الناس ولا يُلفت انتباهها ما يُبهر الجميع ، تبحث دائما عن الاختلاف والتميز.
امرأة تؤمن بأن السعادة لا غنى ولا ثراء بل السعادة حب بصدق ونقاءوإحساس بالامان والأحتواء
امرأة جمعت كل متناقضات حواء
امرأة تحمل بداخلها طفلة تتعامل بنقاء ، تحب بقوة وترفض بنفس القوة، تبكى وتضحك بوقت واحد ، ان حزنت تحتضن حزنها وتقبع به فى ركن بعيد وان فرحت تطير بفرحتها وتركض بها فى حدائق الياسمين.
هى إمرأة ليست بلا عيوب ولكن طيبتها و ثقتها الزائدة وحساسيتها المفرطة و عصبيتها فى الحق وحميتها وثورتها على الظلم والباطل و ثقديرها الزائد للاخرين كلها تعتبر عيوب فى زمن مأهول بضعاف العقول والنفوس.
هى امرأة تشبه نفسها لا تشبه الاخريات من النساء.