أوجاع الحياة
بقلم/ اشرف عبوده
**
في معركة اسمها “التعايُش” ودي معركة يومية ما حدّش بيشوفها ولا يعرف عنها حاجة غير الشخص اللي بيعيشها وبس ، بتبدأ المعركة بمُجرد ما تفتح عينيك الصُبح بعد عدد ساعات نوم قُليلة جدًا كلها قلق وكوابيس، وتبدأ بقى يومك وإنت بتحاول تصلُب طولك مع ابتسامة مُزيّفة عشان تتجنَّب إن حد يسألك (مالك؟) أو يعرف إنّك مش كويس، وتفضل على مدار اليوم تجاهد مع نفسك ضد غباء وسخافات الناس اللي حواليك لغاية ما يخلص يومك وترجع تهرب لسريرك عشان تنام عدد الساعات القُليلة اللي كُلها قلق وكوابيس!
**
في صاحب كدا لما الحياة بتضيق عليك هو أول حد بتجري عليه، بتحكي له، بتاخُد برأيه، بتثق فيه وفي دماغه أكتر ما بتثق في نفسك، وبتبقى عارف إن هو الوحيد اللي قادر يطبطب على روحك ويهوّن عليك أي حاجة صعبة بتعيشها، وعُمره لا خذلك ولا عُمرك احتاجت له وما لقيتهوش.. الموضوع أعمق من الصداقة لإن الشخص دا بيبقى زي ما تقدرش تستغنى عنها.
**
– مُديرك في الشُغل مالوش دعوة بمشاكل بيتك، هو عايزك تنجز الشُغل المطلوب منّك وبس.
– أهلك مالهُمش دعوة بصِراعاتك الداخلية، هما عايزينك تشتغل وتتجوّز وترجع البيت بدري ويتباهو بيك قُدّام الناس، وكمان تضحك في وش الضيوف.
– شخصك المُفضّل مالوش دعوة بضغط شُغلك هو عايز يحس إنّك بتحبّه وتهتم بيه وتخرّجه في الويك إند.
الحقيقة إن كُل شخص في الناس اللي حواليك عايز حاجة منك، لكن مَفيش حد منهُم فكر يسألك إنتَ عايز إيه؟
**
مش معنى إن الشخص اللي قُدّامك بيتحمّل وبييجي على نفسه يبقى هيفضل كدا طول الوقت .. مُستحيل طبعًا!
في الأول وفي الأخر إحنا بشر وطاقتنا ليها حدود ووارد جدًا الطاقة تقل في أي لحظة، فبلاش تراهن على تحمُّل الشخص اللي قُدّامك وتستهبل زيادة عن اللزوم وتقول ما هو كدا كدا هيتحمّلني!
الشخص اللي بيتحمّل كتير دا لو جاب أخره منّك تبقى خلاص خِلصت كدا والنوع دا بالذات لما يقرر يمشي ما بيبُصش وراه مهما حصل.
**
ما تروحش للشخص اللي أذاك وتقول له إنتَ أذيتني لإنّه ببساطة هيأذيك تاني بكلامه وردوده اللي هتخليك تندم عشان قررت تتكلم .. لإن من الأخر هو مُستحيل يطبطب عليك أو يراضيك أو حتى يراجع نفسه، هو شخص ظالم وأسهل حاجة عنده يرميك بكلام يوجعك ويكسر نِفسك.
خُدها قاعدة: عُمر اللي أذاك ما هيكون دواك.
**
أعرف ناس بتحب تخلق لنفسها مُبررات عشان تريَّح ضميرها وما يأنبوش نفسهم، طيب ما تجربو كدا تعترفوا بغلطكو .. جربو تراضونا .. جربو مرة تحسوا بينا وتشوفوا أد إيه إنتوا ظلمتونا وأد إيه قصرتوا في حقنا رغم إن عُمرنا ما قصرنا معاكو في حاجة .. هل رصيدنا عندكوا ما يسمحش إننا نصعب عليكوا مرة واحدة في العُمر على الأقل؟!
**
اللي بيتحمّل المسؤولية ويشيل بيشيلوه أكتر، يعني بدل ما يشكروه ويهوّنوا عليه شيلته بيحملوه فوق طاقته وبيضغطوا عليه أكتر .. ماشيين بمبدأ طالما طلع بيُعتمد عليه وبيعرف يشيل فيشيل بقى لغاية ما نكسر ضهره.
واللي بيتدلع ومقضيها إستعباط بدل ما يحاسبوه ويعرفوه إن ما يصحش كدا بيدلعوه أكتر وبيطبطبوا عليه كمان .. اللي هو ياتي إنتي دلوعة إنتي. حياة غير عادلة حرفيًا وناسها بتكيّل بمكيالين.
**
مَفيش قاعدة في العِلاقات بتقول إن الراجل المفروض يبذل 100% من جهده تحت أي ظروف حتى لو مضغوط أو زعلان أو مخنوق بسبب شريكة حياته!
طيب معلش هو هيجيب نِفس منين؟ إيه الحافز اللي هيخليه يتشقلب عشان يرضيكي؟ هيجيب منين تركيز ذهني عشان يفتكر طلباتك ومُناسباتك ورفاهياتك؟
مُنتهى الظُلم إنك تبقى تاعب شخص نفسيًا وبتطالبه بكامل عطاءه تحت مُسمى ما (إنتَ الراجل) ما هو برضو كان الراجل لما زعلتيه ونكدتي عليه .. ولا وقت غضبك بيبقى عادي تعملي فيه اللي يعحبك!
ما تتعاملوش مع الراجل على إنّه كائن خارق الراجل شبه التليفون لو عرفتي تشحنيه بإهتمامك وتقديريك لكل حاجة بيعملها عشانك هيشتغل وينوّر معاكي .. لكن لو أهملتيه وفضلتي ضاغطة عليه طول الوقت هيفصل شحن منك.
**
طبعًا الحمد لله على كُل حال وإحنا راضيين؛ لكن بصوا في المراية كدا .. هتلاقوا إننا كبرنا أوي، ملامحنا إتغيَّرت، وشنا اللي كان بشوش أصبح حزين، شعرنا التقيل ما بقاش زي الأول، إحنا كدا كدا حلوين عشان بنحب نفسنا ولكن كنا زمان أحلى من كدا .. أروق من كدا .. أهدى من كدا .. الله يهد الحُزن والضغوطات والمسؤوليات اللي شيبونا قبل الأوان.
**
نفسية كُل واحد فينا عاملة زي الفريزر؛ وإحنا بقى بنحبس في الفريزر دا الأحزان والمشاكل وكُل الخيبات اللي بنعيشها في حياتنا، وبمرور الوقت الحاجات دي بتتجمّد وبنحاول نتعايش وننسى، لغاية ما تحصل حاجة جديدة تنكد علينا وفي اللحظة دي الفريزير بيتفصل عنه الكهرباء فبتلاقي كُل الأحزان ساحت على بعض وبتبقى ليلة ما يعلم بيها إلا ربنا.