الكاتب الصحفى عاطف دعبس يكتب عن “حديث الهدنة المهدور”
وما زال حديث الهدنة المهدور يحتل موائد المحادثات والمراسلات واللقاءات.. حديث الهدنة المؤسف ما زال عنوانا لكل الاجتماعات التى فشلت جميعها بسبب المكايدة والمعاندة، ولم يشفع له آلاف الشهداء وآلاف الإصابات التى سيدخل كثير منها فى سجل الشهداء!
قبل شهر رمضان المعظم كانت الهدنة هى هدف المحادثات الرسمية وبكل اللغات، ومع الوقت تضاءل الأمل فى تنفيذها حتى العشرة الأواخر من الشهر الكريم، ثم ضاقت وانحسرت دائرة الحديث عنها،
ولا يمر يوم دون وقوع قتلى ومصابين، وتراجع الاهتمام بالحديث عن غزة والغزاويين، ودخل فى مباحثات الصراع أطراف جديدة وحروب أخرى حتى بلغنا صواريخ ومسيرات ايران، وكأن العالم يذكى الصراع ويهوى الدم والخراب.
وموقف مصر والرئيس عبد الفتاح السيسى دائما فى صدارة المباحثات سواء فى التصديق على الهدنة ومفاوضاتها العويصة أو على مستوى المساعدات الإنسانية التى سجلت فى سجلات المنظمات الدولية، فلا يملك أشد الاعداء إنكار موقف مصر وتصدرها أرقام المساعدات التى تحفظ حياة آلاف الفلسطينيين من الموت جوعا وعطشا وعلاجا،
موقف مصر فى استقبال المصابين الغزاويين يشهد به العالم ونحن نراه فى قوائم مستشفياتنا فى العريش والإسماعيلية والقاهرة والغربية وكل المنشآت الصحية المصرية.
مستشفى طنطا الجامعى استقبل 22 مصابا ومعهم عشرات المرافقين وحجز لهم دورا كاملا فى مستشفى الجراحات الجديدة.. وزارهم الدكتور محمود زكى رئيس جامعة طنطا وقام الدكتور أحمد غنيم عميد كلية طب طنطا بإجراء عمليات عيون لخمسة منهم بنفسه،
وحتى التأمين الصحى بالغربية استقبل 7 حالات فى مجمع طبى طنطا والمحلة ومعهم نحو 20 مرافقا، وزارهم الدكتور تامر مدكور مدير عام التامين الصحى، وقدمت لهم الخدمة الطبية وفق أحدث ما وصل له الطب وفحوص على أعلى مستوى.
يحدث هذا فى الوقت الذى تراجع فيه حديث الهدنة وتصاعد فيه الكلام عن غزو وضرب رفح من العدو الصهيونى الذى يصر على ذلك بحجة القضاء على الباق من عناصر حماس الهاربة.
نحن نعيش حالة حرب يرفض طرفيها وقفها ولو على سبيل الهدنة المؤقتة، مما يجعلنا نشك فى أصل وسبب الحرب نفسها، والغريب أن أطرافا جديدة تدخل الصراع فى إصرار غريب على استمرار النار والقتل والخراب.
لقد تأثرت مصر بالحرب بلا شك وزاد تأثرنا مع ضربات الحوثيين للسفن التجارية فى البحر الاحمر وانخفض عدد السفن العابرة بقناة السويس، مما ضاعف خسائرنا الاقتصادية، ومع كل هذا تحاول مصر السعى للتهدئة ووقف الحرب لحماية ارواح آلاف الفلسطينيين الذي يعيشون واقعا مأساويا ويجاهدون للحصول على بعض دقيق وزجاجات مياه صالحة للشرب، هذا الواقع جعل العالم كله يندد بالحرب والمأساة الإنسانية، وهذا العالم نفسه يقدم لإسرائيل الدعم ويصوت لصالحها فى الأمم المتحدة رافضا وقف القتل وإعلان هدنة مؤقتة.
نحن نعيش حالة مرتبكة ومواقف متباينة، غير مفهومة، ولكن يبقى حل الدولة الفلسطينية قائما رغم مواقف أمريكا والدول الاوروبية الداعمة للاحتلال الصهيونى، فالحق العربى لن يضيع والقضية الفلسطينية لن تموت، رغم أنف الجميع
ويا مسهل.