سليط اللسان
بقلم / اشرف عبوده
إن خير ما يمتاز به المسلمون كافة هو حفظ ألسنتهم عن اللغو والغيبة والنميمة والفتنة بين الناس وغيرها من آفات اللسان؛ وذلك لأن صون اللسان خلق المؤمنين الصادقين الذين يتبعون أوامر الله وسنة نبيهم الكريم، فلا يمكن أن ترى مؤمنًا صادق الإيمان لا يحفظُ لسانه، ولا يمكن أن تجد شخصًا سليط اللسان إلا إذا كان قليل الإيمان. إن إطلاق اللسان فيما لا يُرضي يعتبر من السلوكيات الضارة التي لا يمكن تقبلها في أي مجتمع لشدة الضرر الناتج عنها، فكم من المشكلات حصلت بين الناس والأهل والنسب وحتى أقرب الأصحاب بسبب إطلاق اللسان وعدم حفظه.
ومن العجيب أن الإنسان يحرص على عدم أكل الحرام أو الظلم أوالسرقة أوشرب الخمر، ولكنه لا يحرص على حفظ لسانه عن الغيبة والنميمة وقول السوء، وقد نرى من يتصفون بالدين والعبادة والزهد يقولون ما يُسخط الله تعالى عليهم بسبب تتبعهم لعورات الناس وذكر زلاتهم وإفشاء أسرارهم وسبهم الشتائم وغيرها، فنرى رجالًا متورعين عن الفواحش والظلم، ولكن ألسنتهم لا تُقَصِّر في أعراض الناس أحياءهم وأمواتهم. وقد نجد أن الكثير من جلسات النساء تدخلها الغيبة والنميمة والخوض في أعراض النساء الأخريات وبث سموم الفتنة بين رفيقات المجلس إلا من رحم ربي، كما يعتبر الكذب من آفات اللسان المنتشرة بين الناس في يومنا هذا، فترى أن الكبار يضطرون للكذب ويعلمون أبناءهم على ذلك ويدفعونه نحوهم
يوجد فى حياة كل منا شخص سليط اللسان، يتجنب الجميع التعامل معه، لتجنب المشاكل، لكن قد يبدو الأمر صعباً عندما يكون هذا الشخص أحد الأقارب أو الأشقاء أو حتى المعارف الذين لا يمكنك قطع علاقتك بهم
عندما تبدأ فى التحدث مع شخصية سليطة اللسان، حاول ألا ترد سمومه والكلام السلبى عليك وتتركه يتحدث دون أن ترد عليه نهائياً مهما استفزك، لأن الأشخاص السامين هم خبراء فى التلاعب والخداع وتوجيه اللوم للآخرين، مع ضرورة أن تفهم أنهم من أساءوا معاملتك وأنك لست مسئولاً عن سلوكهم.
عندما يشعر صاحب الشخصية السامة أنك بدأت تتلاشاه وتتجنبه، يتحول لشخص سوي معك حتى ترجع تطمئن له وتشعر بأنه قد تغيير وعندما تطمئن له، يعود كما كان في السابق بل وأسوأ، لذلك عليك الحذر.
يجب وضع حدود لكافة نواحي العلاقة مع الشخصية سليطة اللسان، ولا تسمح له بالتدخل في حياتك الشخصية أو العائلية.
عندما تنتهي مقابلتك بهذا الشخص عليك قطع التواصل واجعله في أضيق الحدود. يجب تجنب التواصل مع الشخص سليط اللسان على مواقع التواصل الاجتماعى، والاكتفاء بالتعامل معه لدقائق معدودة إذا اضطررت لذلك.
فالكلام القبيح وسلاطة اللسان من أبلى البلاء الذين يبتلي به البعض من الناس ،وقد يكون من متعلم ومن واقف على قول الله ورسوله ، فإن البعض تعلم لكنه لم يؤدبه علمُه ولم يهذبه إيمانه ،فتجده يتلفظ بالفاظ ويتجرأ على القول ،فيشرِّق ويغرِّب في السخرية
بعض الناس قبيح في منطوقه يطعن ويلمز ويغمز – هو الجارح المستهزئ الساخر المفتخر المغرور الذي لا يرى أحدا يساويه . والكلام القبيح : هو طول اللسان في الباطل والوقوع في الغيبة والنميمة والذم للناس والتقعر في القول والتعالم والتطاول على الناس بالكلام المحزن المكدر .
ضرورة إنهاء العلاقة مع هذه النوعية من الشخصيات ، لأنهم يتسببون لمن حولهم بالاكتئاب والضغط النفسى
ومن الجدير بالذكر أنه قد ورد في القرآن الكريم آيات عن حفظ اللسان؛ وذلك لأهمية هذا الخلق الرفيع في تنظيم حياة الناس وحفظ أعراضهم وصون ألسنتهم عن فُحش الكلام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)
حذر الله تعالى من سلاطة اللسان فقال الله تعالى : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ . وقال :” وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ . “وأخبر سبحانه أن الألسن ستشهد على أصحابها بما تلفظت به من السوء والشر . فقال : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . وقال : “إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ “. وشبه الله الكلمةَ الخبيثةَ بالشجرة الخبيثة التي تُؤذي ولا تنفع فيجب اجتثاثها من فوق الأرض لضررها البالغ على الأرض ومن يمشي عليها . فقال :” وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ” . وحذر رسول الله الأمة من هذا الخبث بأساليب متنوعة لخطورة الأمر ولكثرة الواقعين فيه