ما نفتقده الآن
بقلم / جابر سركيس
عضو اتحاد كتاب مصر
تصرفات قد تكون بسيطة تقوم بها الأم بقصد أو بجهل تحدد العلاقة بين الأبناء والأب وتخلق مع الوقت شعور دائم تجاه الأب، على سبيل المثال، حين ينصرف الأب أو قبل أن يعود، تقوم الأم بعمل وجبة خاصة ومميزة إلى حد ما للأبناء فياكل الأولاد بنشوة وسعادة دون أن يخطر على بالهم الأب الذى قد يكون خرج بدون تناول العشاء أو الغداء، ودون تذكره من جانب الأم،، وعمل حسابه،، هذا التصرف مع تكراره يخلق شعور لدى الأبناء إن الأب لايحتل مكانة أو اعتبار لدى الأم فيتسلل هذا الشعور السلبى للأبناء تجاه الأب، ذلك عكس الأم التى تعى تأثير وانعكاس كل تصرف على نفسية الأبناء، فتؤكد مع كل عمل قيمة الأب، وان الأب موجود حتى فى غيابه. هذه الأم التى تعى بعلم او من خلال الفطرة السليمة أو من خلال تربيتها فى بيت أمها وأبيها على هذه السلوكيات الايجابية إنما تخلق حالة إيجابية داخل محيط الأسرة والعائله ينعكس على علاقة الأبناء باحترام وتقدير مع الأب
مثال آخر، الأم التى ترفض كل ما يطرحه الأب من افكار أو اقتراحات أو آراء وتناقش فى مسلمات وبديهيات لمجرد الانتصار لرأيها فى مواجهة الأب الذى يتم إرهابه بمقولة،، انت عايزنا نوافق على كل ما تقوله ، انت مش عايزنا نقول رأينا، حين يكون ذلك امام الأبناء يتحول مع الوقت إلى سلوك دائم ورفض دائم وجدل بيزنطى عديم الجدوى من جانب الأبناء مع الأب ومع مرور الوقت تصبح حالة مستعصية على العلاج من عدم الاحترام والتقدير للأب، وإنه وكل ما يقوله وكل ما يمثله ويؤمن به خطأ، رغم عمر الأب وخبراته وتجاربه الكثيرة ومع حداثة عمر الأولاد وقلة خبراتهم وتجاربهم.
فى نهاية الامر نصل إلى أسرة غير سويه يعانى أفرادها جميعا، أب وأم وأولاد بشكل أو بآخر أثار هذه الأمراض نتيجة تصرفات غير سليمة، فينطوى الأب على نفسه، ويفقد الأبناء حصيلة تجارب وخبرات وحكمة الأب، ومإادراك أيتها الزوجه وأيها الأبناء من فقدان خبرات وأراء الأب التى يقولها لكم باخلاص وتجرد لايهدف سوى صالح الأبناء وخلق مناخ صحى داخل الأسرة.
أمر آخر يحدث فى العائلة المصرية وهو إنه حين يبدأ خلاف بين الأب واحد الأبناء أو بين أخ وأخ
للاسف لا تتدخل العائلة لإنهاء هذا الخلاف بل قد يفرحون به للاسف الشديد، فيفرح الجد والجدة وتفرح الأم أن الولد،، حلو.. معاهم وإنه ابنهم وليس إبن أبوه، ويسخرون من ابن صالح يكون حريص على اقامة علاقة جيدة مع أبيه ويصفونه ضحكا وهزلا إنه،، إبن أبوه،، أو،، إبن أمه،، لكنه هزل يتحول ايضا إلى جد والى سلوك يترتب عليه ابتعاد الابن عن الأب والابنة عن الام
وهكذا يصير حال الأسرة.
هذا يحدث كثيرا هذه الأيام، ومانراه من سلوكيات منفره هو أحد مظاهر هذا المرض الذى أصاب الأسرة والعائلة المصرية بنسبة كبيرة
على جانب آخر توجد أسر بسيطة جدا، الأب يحتل المكانه التى تليق به من الأم وبالتالى من الأبناء، حين تدخل بيوتهم البسيطة تلمس حالة المحبة، فى السكن النظيف المرتب بعناية حتى لو كان صغيرا ومحدود ا ، الاعتزاز بالأب، الفرح بوجوده، لايتسبب أحد فى ارهاقه باعتراضات عقيمة ليس لها جدوى أو تقليل من شأنه أو التعامل معه كأنه غير موجود على الإطلاق.
نحن فى حاجة الى العودة لقيم الأسرة المصرية والتأكيد عليها، حتى تكون هذه الأسرة نواه سليمة فى مجتمع سليم يسوده الحب والمودة والسلام الاجتماعى وهو ما نفتقده الآن