“غيبوبة” الأحزاب تقضي على الحياة السياسية
كتب / عادل يوسف
بعدما أعلن حزب المصريين الأحرار عن إقامة بطولة مفتوحة ومسابقة في الشطرنج، ، وذلك بالتعاون مع أكاديمية القاهرة للشطرنج، ثم لَحقهُ حزب مستقبل وطن، بإعلانه عن إقامة ندوة في أمانة الجيزة عن أسرار التخلص من الدهون ونحت العضلات، بحضور رئيس الحزب، ورئيس قطاع شمال الصعيد، وأمين عام محافظة الجيزة، بات السؤال مُلحًا عن كيف كانت الأحزاب السياسية، وكيف أصبحت؟ بعدما تلاشي أدوار بعضها سياسيًا، وأصبحت تمارس دور عَقد دورات كرة القدم وحفلات الرقص
ولم يتوقف الأمر على ذلك، حيث شَمل أيضًا العديد من النشاطات الرياضية التي نظمتها الأحزاب السياسية، وتجلى هذا بوضوح في شهر رمضان الماضي، وهو ما أثار جدلًا كبيرًا وتساؤلات داخل الساحة السياسية حول دور الأحزاب السياسية.
** فى البداية، استنكر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن القيام بأنشطة مثل تلك الأنشطة ليست من دور ولا أهداف الأحزاب السياسية؛ فالأحزاب السياسية دورها أعمق من ذلك وهو ينبع من تواجدها داخل الشارع السياسي لافتًا إلى أن الحزب السياسي أنشئ من أجل محاولات الوصول إلى السلطة، وهو هدف أي حزب سياسي متواجد في أي دولة في العالم وليس من خلال التواجد في مقر أو من خلال الترويج لنشاط يقوم به.
وتابع فهمي: “الأحزاب الموجودة على الساحة حاليًا عليها أن تمارس نشاطها السياسي، فحزبان بحجم مستقبل وطن والمصريين الأحرار له الكثير من الممثلين في مجلس النواب، وهو ما يتطلب مشاركتها السياسية بعمق، خاصة أن هناك قضايا هامة عديدة تشغل الرأي العام وتهم المجتمع المصري وعلى النواب الاهتمام بالقضايا أولًا ولا مانع من الاهتمام بالأنشطة الأخرى، ولكن بصورة تلي ذلك”.
** بينما وصف الدكتور سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، ما تقوم له الأحزاب السياسية حاليًا من خلال ندوات التخلص من السمنة ومسابقات الشطرنج بأنها محاولات بائسة للوجود على الصورة من خلال جذب ومحاولة استمالة الجماهير التي تذهب إلى تلك المسابقات والندوات إلى الحزب السياسي، ما يعمل على تكوين قاعدة شعبية له في الشارع.
ويُكمل: “الأحزاب السياسية منذ عام 2011 وازداد عددها حتى وصل إلى 107 أحزاب سياسية لا دور له على الساحة السياسية على الإطلاق، لافتًا إلى أن جميع المعطيات تشير إلى غياب الدور السياسي والاجتماعي لتلك الأحزاب على الساحة، فلا يوجد برامج اجتماعية ولا سياسية تخاطب بها الجماهير المختلفة”.
وأشار “صادق” إلى أن السمت العام للأحزاب السياسية يؤكد أنه تعصب بها المشاكل الداخلية، كما حدث مع أحزاب المصريين الأحرار والوفد ومشاكل التمويل كما حدث مع حزب المصريين الأحرار علاوة على الانقسامات الداخلية وغياب العمل الجماعي والجماهيري الذي هو أساس العمل الحزبي.
وتابع “صادق” أن الأحزاب يوجد عليها الكثير من الأدوار الغائبة، حيث يجب عليها أن تعمل على مواجهة الإرهاب وتأهيل الشباب للمشاركة السياسية والمجتمعية من خلال تنفيذ برامج ودورات هذا بجانب المشاركة في التصدي للعادات والتقاليد المتخلفة لا سيما في محافظة الصعيد من خلال عقد ندوات ومؤتمرات تأهيلية وغيرها هذا بجانب الدور الثقافي والتعليمي المتمثل في البرامج الشعبية مثل اعطاء دروس محو الأمية في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات إلى ارتفاع نسب الأمية داخل مصر وخاصة في المحافظات والقرى.
** وأكد الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية، موقف الأحزاب السياسية التي تُعد من أكبر الأحزاب الموجودة على الساحة حاليًا ذات الأغلبية البرلمانية، حيث يوجد بحزب المصريين الأحرار 65 نائبًا وبحزب مستقبل وطن 50 نائبًا بمجلس النواب.
وأشار “مهران” إلى أن الأحزاب بتلك الصورة تؤكد أنها مجرد أحزاب كارتونية ورقية هشة، فهما أكبر حزبين لهم ممثلين داخل البرلمان المصري منذ انتهاء الانتخابات، وبالرغم من هذا لم تكشف تلك الأحزاب عن أي دور حقيقي لها خلال الفترة الماضية، واقتصر دورها على تأييد الحكومة في السير تجاه التيار وفق ما يتراءى لمجلس النواب ورئيسه الدكتور علي عبد العال، وبعد مرور دورين تشريعين نجد أن الأحزاب لا تقيم دورات للأحزاب السياسية ولا لزيادة الثقافة الحزبية ولا لحث الشباب على المشاركة في الاحزاب السياسية وإنما نجد دورات كرة القدم والشطرنج والتخسيس وهو ما نأخذه من تلك الأحزاب.
وأضاف مهران: “ما يعوق تلك الأحزاب عن أداء دورها يتمثل في السياسية السلبية المُتبعة داخل الدولة المتمثلة في محاولات القضاء على المعارضة السياسية فنحن لم تجد لتلك الأحزاب دور حقيقي لخدمة الشارع سوى من خلال الأنشطة الاجتماعية التي تعلن عنها والتي رأيناها جميعا خلال شهر رمضان عبر عقد مباريات كرة القدم والحفلات المختلفة ومؤخرًا عمل ندوة للتخسيس أو دورة كرة القدم”.